نضال الخضري

عندما أكره الشمس أو أتحد مع الظلمة التي أورثتني الحقد والغضب، ثم أفكر بالفجر الذي لم اعد أتمنى صعوده ... فرغم الصباحات الباسمة للأطفال لكن الشمس تمحو كل أثر لحلاوة الروح وهي تزيح حلم المطر، أو أفق الشتاء الذي أتمناه عاصفا. فالشمس تكشف مساحات الجهل التي لفتنا، ثم وحدتنا مع القحط والجدب واستمرار الصيف حتى نهاية العام.

أكره أن أستيقظ على الضوء بينما كنت احلم بالغيوم، فما الذي ينفع اليوم بعد توتر يهاجمنا بسابق إنذار، فنحن نعرف أن الماء لا تخرج من "داخل الأصابع" أو من دموع تبكي ثم تنتشر بالأرض وكأنها قبيلة عطشى ترحل لحظة تريد، وتقيم غصبا في أي زمن تشاء. فشمسنا اليوم هي كشف الحجاب عن الصورة التي نريدها على قبحها ثم نحلم بجنات الخلد.

عندما أحاول البحث عن الغيث اكتشفه وراء الغضب الذي يلف العقل ويدفعنا لاعتبار مدننا إقطاعيات خاصة نرسمها كما نشاء، ثم نبكي قطرة المطر والأشجار التي تبحث عن هواء وسماء تتعالى بها .. فهل يحق لنا وضع "بدعة" جديدة ... والسؤال عن الرحمة من الضوضاء التي تزاحم أفكارنا فنتعمد صياغة الطبيعة على شاكلة صرامتنا؟!!!

لم يعد مهما أن نرى الشمس الدائمة في صباحات الشتاء ... أو نحلم بالغيوم التي غابت هذا الموسم، أو حتى تجنب القرف عندما تلفنا شوارع المدينة بصورتها النهائية وهي تحتضن نفايات بشريه و ... "فكرية" ... لأن صلاة الاستسقاء ليست بكاء ونواحا .. وتذللا بعد جبروت يحلم بالقحط ... وصلاة الاستسقاء لن تعيد الغيم لأنها اليوم غارقة بالماضي .. أما الحاضر فهو غابات أسمنتية، ومعدلات نمو بشري لا تتيح لخصب الأرض كي ينافس البشر ... وذنوب من "البلاستيك" المرمي على جنبات الشوارع، وربما الأهم رغبة في تقمص رحيل القبيلة بدلا الشعور بـ"المدينة" وأنهارها السبع .... فإذا كان الله قادر على إنهاء ذنوبنا فربما علينا إنهاء القحط الذي فرضناه على مدننا وعقولنا ....