الوطن القطرية /محمد ظروف

يحلو للبعض في لبنان والمنطقة ان يستنتج ويقول ان الصيغة المخففة لقرار مجلس الأمن الدولي (1644) والذي يكتفي بحث سوريا على مزيد من التعاون مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري هو بمثابة مؤشر واضح على وجود «صفقة» بين واشنطن ودمشق.

وانه بسبب ذلك فقد تراجعت الولايات المتحدة ومعها كل من فرنسا وبريطانيا عن المطالبة بفرض أي عقوبات على سوريا أو حتى الاشارة اليها ويجادل هؤلاء انه لولا وجود تفاهم سوري - أميركي لما كان القرار قد صدر وفق هذه اللهجة المعتدلة والمخففة بعض الشيء ازاء سوريا.

وطبعا فإن هؤلاء يريدون الايماء الى ان دمشق اخذت تساعد الادارة الأميركية في العراق‚ وهناك الكثير من المعطيات على ذلك! والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ما مدى صحة ومصداقية مثل هذا الافتراض؟ وهل ان الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تراجعت عن مشروع القرار الثلاثي المعروض على مجلس الأمن بسبب ايماءات الصفقة بين دمشق وواشنطن؟ ام نتيجة معارضة اطراف بارزين في المجلس للمشروع لاسيما روسيا والصين‚ حيث تمت الاشارة الى احتمال استخدام حق الفيتو ضد مشروع القرار؟ مهما يكن من امر فإن اللافت هو انه خلال عام صدرت ثلاثة قرارات عن مجلس الأمن تستهدف سوريا وهي: القرار الاساسي 1559 الذي طالب دمشق بالانسحاب الفوري من لبنان ومن ثم القرار الداعم له وهو (1595) الذي حدد آليات ذلك الانسحاب وبعد ذلك القرار (1636) الذي حذر سوريا من ان عدم تعاونها مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رفيق الحريري سيعرضها لاجراءات أخرى واخيرا القرار (1644) الذي جدد مطالبة المجتمع الدولي لدمشق بالتعاون التام مع اللجنة وعدم التردد أو التأخير في الاستجابة لكل ما تطلبه اللجنة من الحكومة السورية! واللافت اكثر ان كل هذه القرارات نفذت أو في طريقها الى التطبيق‚ في حين ان هناك عشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بشأن الصراع في المنطقة وهي كلها تدين اسرائيل وتطالبها بالانسحاب من الجولان والضفة الغربية والقدس المحتلة‚ لكنها ظلت مجرد حبر على ورق بالرغم من انها صدرت قبل عشرات السنين‚ وكان من المفترض بالمجتمع الدولي ان يضغط لتنفيذ جزء من تلك القرارات وليس كلها! والأنكى انه رغم هذه الازدواجية الصارخة في المعايير الدولية فإن هناك من يتحدث عن العدالة والحرية والديمقراطية في العالم وكأن اسرائيل موجودة على كوكب آخر غير الارض وكأن العرب تم حذفهم من القاموس السياسي الدولي في عصر العولمة!