النهار / علي حماده

اذا كانت الدعوات الصادرة عن جهات عدة الى السلطة والحكومة لتحمل مسؤولياتها مفهومة وفي محلها، فانها لا تلغي واقعا هو ان ثمة نظاماً يتمتع بامكانات فائقة لتصدير الارهاب، على غرار ما يقوم به في العراق، يشن حرباً على لبنان لا تحتاج الى شواهد اكثر من الضحايا التي تسقط الواحدة تلو الاخرى في معركة الاستقلال. والحال ان لبنان يتعرض لحرب ارهابية، ربما كان الجانب الاقل مأسوية فيها انها حتى الآن لم تستهدف الجموع في الأماكن العامة. لذلك ان مواجهة الحرب الارهابية المشار اليها مستحيلة ما لم تتوافر شروط مسبقة لا مهرب منها وهي:

اولا – معالجة الصدع الواقع على مستوى قوى معركة الاستقلال بفتح حوار جدي وهادف بعيدا من الاحكام المسبقة من الجانبين: تيارات الرابع عشر من آذار و"التيار الوطني الحر". والمطلوب هنا تخلي طرف عن مناخات التشكيك باهداف الجهة الاخرى، وفي المقابل تخلي الطرف الآخر عن ادعاء امتلاك الحقيقة الكاملة والحق ان الطرفين مدعوان الى النظر بمسؤولية وواقعية الى ان أياً منهما لن ينجو من الحرب الارهابية.

ثانيا – معالجة الصدع على المستوى الوطني مع الثنائي الشيعي، بملاحظة شرعية هواجس هذا الثنائي المعبّر عنها في مواقفه من القرار 1559 ورفض استبدال وصاية بوصاية. وفي المقابل اتخاذ هذا الثنائي قراراً تاريخيا جريئا بتقديم "الأجندة" اللبنانية على أي اجندة اخرى، والوقوف صراحة جهارا بجانب اللبنانيين الذين يتعرضون لحرب "ارهابية". فالمسألة ان يكون المرء لبنانيا اولا وقبل اي شيء آخر.

ثالثا – انطلاقا من النقطتين المذكورتين لا بد من اجراءات حاسمة على مستويات عدة اولها اعادة تفعيل الاجهزة الامنية المستندة الى عقيدة واضحة مفادها ان للبنان عدوين: اسرائيل اولا ودائما، وثانيا الارهاب ضد لبنان واللبنانيين. في مستوى آخر، لا بد من الانتهاء من مهزلة ابقاء رئيس الجمهورية في موقعه. والمسؤولية في هذا المجال مشتركة بين قوى الاستقلال بمكوناتها كافة، والثنائي الشيعي، والبطريرك الماروني. ولا بد من الانتهاء من زمن المراوحة القاتل وتصفية موقع اساسي من مواقع النظام السوري في لبنان. انه اختراق مميت ومكلف للغاية.

رابعا – لا بد من التوجه الى المجتمع الدولي لطلب تدخل فاعل وحاسم، واذا تطلب الأمر طلب تدخل عسكري لمواجهة الارهاب بالقوة. وللتاريخ، لم تتوقف حرب الابادة التي قام بها ميلوسيفيتش في صربيا وكوسوفو الا بتدخل عسكري. وللذكرى ايضا، ان حرب التفجيرات بين نظامي صدام حسين وحافظ الاسد في الثمانينات لم تعلَّق الا بعدما حصل توازن في الرعب من الجهتين. وقصارى القول ان نظاماً مصنّعاً ومصدّراً للارهاب لا يمكن ايقاف تقدمه الا بتدخل يخلق توازنا يجعله يخشى عواقب سلوكياته الارهابية.

المهم هنا ان نلملم الداخل، وأن نستنفر الخارج للمساهمة في حمايتنا، من ارهاب لا يخاف الا وحدة لبنان واللبنانيين، وتصميم المجتمع الدولي على معاقبة مرتكبيه.