توجهات لحل الأزمة بلقاء رباعي يجمع الأقطاب

“الخليج”

مع استمرار الأزمة الحكومية وتزايد حركة الاتصالات برزت أمس “نصيحة” السفير الأمريكي في بيروت جيفري فيلتمان الى فريق الأكثرية في مجلس الوزراء بوجوب عدم الامتثال لمطالب الفريق المعتكف، وهو ما رفضه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، ورأى أن فيلتمان لا يحق له تقديم النصائح في لبنان، في وقت بدأت أوساط تروّج إلى أن حل الأزمة الحكومية يحتاج إلى لقاء رباعي على أعلى مستويات.

وفيما يشبه الرد على “النصيحة” الأمريكية شكك “حزب الله” برغبة الحكومة في الحوار للخروج من المأزق. وانتقد مسؤول الاعلام في الحزب الحاج محمد عفيف أسلوب التفاوض والنقاش، محذراً من ان هذا التفاوض يخفي نيات مبيّتة.

واستغرب عما يقال من أن الحزب وضع شروطاً لا بد لرئيس الحكومة أن ينفذها قبل العودة عن تعليق المشاركة في الحكومة، معتبراً انه “اذا كان صحيحاً ان هذا الموضوع قد تم تداوله في الجلسة المغلقة التي ضمت الأمين العام ل “حزب الله” ورئيس الحكومة بعيداً عن وسائل الاعلام، فهل من أصول الحوار والتفاوض والنقاش المسؤول ان يتم تسريب أجزاء منتقاة مما دار خلال الاجتماع الى صحافيين وسياسيين من اللون نفسه، خصوصاً في هذه القضية الحساسة التي تفترض أقصى قدر من الحرص والجدية”.

ورداً على سؤال قال عفيف: “ان موقفنا لا يزال على حاله، وهو الاستمرار في تعليق المشاركة في الحكومة حتى زوال الأسباب التي أدت اليه، لن نقبل أن نكون ضيوف شرف لا وظيفة لنا سوى تغطية الحكومة سياسياً وتأمين استمراريتها على حساب دورنا ومسؤوليتنا الوطنية”.

من جهته استبعد رئيس مجلس النواب نبيه بري حصول انفراجات سريعة في ملف الأزمة الحكومية، وقال: “ليست منطقية العودة الى مجلس الوزراء وكأن شيئاً لم يكن، وأن المبادرة باتت في يد الفريق الآخر”.

وفي هذا السياق أرسل بري وفداً من حركة “أمل” الى بكركي. ونقل النائب علي حسن الخليل تأييد وتشجيع البطريرك الماروني نصر الله صفير للاستمرار في مبادرة الحوار المفتوح للقوى السياسية، مؤكداً ان الارتكاز في أي نقاش هو على اتفاق الطائف وعلى احترام هذا الاتفاق، وقال: ان هناك قضايا أساسية تتمحور حول الكشف عن الحقيقة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وصياغة تفاهم وطني حول القرار 1559 والعلاقة مع سوريا.

وقال الخليل رداً على سؤال حول اعتكاف وزراء “أمل” و”حزب الله” ان الاتصالات لم تقفل بعد، وكل الخيارات مفتوحة. والتقى وفد “أمل” مع الرئيس السابق أمين الجميل للتباحث حول المبادرة نفسها.

من جانبه رأى رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة أن لبنان يمر اليوم في فترة دقيقة، تقتضي الحوار وأن يتقبل اللبنانيون بعضهم للبعض الآخر، لأنهم في النهاية محكومون بالتوافق، مشدداً على أن الدستور هو الذي يجب أن يطبق في الحياة السياسية، واذا أراد البعض تعديل هذا الدستور فالمكان الملائم لذلك هو مجلس النواب. ودعا الى التفاؤل بخصوص جلسة مجلس الوزراء المقررة غداً الخميس، نافياً أن يكون لبنان أمام أزمة حكم.

ورداً على سؤال حول سبيل عودة وزراء “حزب الله” و”حركة أمل” الى مجلس الوزراء، قال السنيورة ان الأمور تتجه الآن نحو التعاطي بهدوء وحكمة مع هذه المسألة لإدخال الطمأنينة الى قلوب الجميع، حتى لا يكون هناك توجس من قبل أحد. لكنه دعا الى احترام ما أسماه “قاعدة التفهم المتبادل ضمن المعادلة الدولية والعربية”، مؤكداً ان الاتفاق هو حتمي في النهاية.

إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة ان وسيطاً مقرباً من “حزب الله” زار المملكة العربية السعودية أخيراً، حيث التقى رئيس كتلة “تيار المستقبل” النيابية النائب سعد الحريري، وعقد لقاءً بعد عودته الى لبنان مع المعاون السياسي لأمين عام “حزب الله” الحاج حسين الخليل، ومع عضو مجلس الرئاسة في “حركة أمل” النائب علي حسن خليل.

واضافت المصادر انه لم يتحقق أي تقدم حتى اللحظة على صعيد حلحلة ازمة مشاركة الوزراء الشيعة في النشاط الحكومي، مشيراً الى ان الباب لا يزال مفتوحاً امام الحل الذي يمكن ان يتبلور بعد لقاء رباعي يضم الأمين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصر الله، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس كتلة “المستقبل” سعد الحريري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط حيث يمكن وضع كل النقاط العالقة على بساط البحث ومناقشتها تمهيداً لحلحلة الامور وترك المستعصي منها معلقاً الى وقت لاحق، بانتظار تغيير المعطيات.

ورفض أمين سر كتلة الاصلاح والتغيير (التيار العوني) النائب ابراهيم كنعان دعوة قوى 14 آذار (لقاء البريستول) الى حوار ثنائي يتناول الملف الأمني، وأعلن ان التيار الوطني الحر بزعامة النائب العماد ميشال عون وكتلة الاصلاح يدعوان الى حوار على طاولة مستديرة تضم كل الاطراف وتبحث كل المواضيع من دون استثناء، مشدداً على ان البديل للحكومة الحالية العاجزة عن ادارة البلاد هي حكومة اقطاب تضم قيادات الكتل النيابية والقوى الاساسية.

ورأت لجنة المتابعة لمنبر الوحدة الوطنية الذي يترأسه رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سليم الحص ألا موجب لافتعال أزمة حول المحاكمة التي يجب أن تتم بعد نهاية التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري باعتبار أن التحقيق قد يستغرق بعض الوقت قبل أن ينجز، وهناك متسع من الوقت للتوصل إلى توافق حول هذه المسألة. ورأى بيان صدر عن الهيئة بعد اجتماعها أمس أن ما لم يتم تجاوز هذه الأزمة بتسوية ما وسريعاً، فإنها مرشحة لأن تتفاقم فتنقلب أزمة حكومة معززة باصطفافات فئوية حادة لا تحمد عقباها لأن التغيير الحكومي لن يكون بالأمر الميسور خلافاً لما يتخيله البعض.