الحياة

صور مفقودين وقيود على شجرة الميلاد امام مبنى الامم المتحدة في بيروت حيث يعتصم اهالي المفقودين. (ا ف ب)
قالت مصادر رسمية لبنانية لـ «الحياة» ان كبار المسؤولين المصريين أبلغوا الحكومة اللبنانية ان نتائج محادثات الرئيس المصري حسني مبارك مع الرئيس السوري بشار الأسد انتهت الى اتفاق على استمرار التواصل من دون التوصل الى تصور واضح لمعالجة التدهور في العلاقات السورية - اللبنانية.

وذكرت المصادر ان الجانب المصري يعتبر ان أجواء محادثاته مع الجانب السوري «ليست جيدة كما يجب لكنها ليست سيئة وان لا بد من تطوير الأفكار التي طرحت». وكان مبارك أجرى اتصالاً ليل اول من أمس برئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة للتشاور معه في شأن التحرك الذي تتولاه مصر.

وفي وقت تتوقع مصادر متعددة ان تكثف القاهرة تحركها خلال الأيام المقبلة، فتوفد مدير الاستخبارات اللواء عمر سليمان الى بيروت وربما دمشق، لاستكشاف الأفكار التي يمكن طرحها لتبريد الأجواء بين لبنان وسورية، فإن تحرك الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ينتظر عقد الدورة العادية لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، المنتظرة في 29 الشهر الجاري في القاهرة، وسط انتقادات لبنانية لتشديده على اقتراح طلب دمشق وقف الحملات الاعلامية ضدها، وأبرز من وجه هذا الانتقاد رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط وعدد من نواب كتلته الذين رفضوا فكرة تبريد الأجواء الاعلامية من دون ضمانات في شأن الوضع الامني وعدم التدخل في الشؤون اللبنانية.

لكن المصادر الرسمية اللبنانية ابلغت «الحياة» امس ان الجانب اللبناني تبلغ معلومات ديبلوماسية مفادها أن مسؤولاً سورياً رفيع المستوى رد على مطالبة سفير دولة اوروبية له بالتجاوب مع مطلب ترسيم الحدود اللبنانية – السورية (وهو طرح في محادثات مبارك – الاسد ايضاً ومحادثات موسى في دمشق) بالقول ان الحكومة السورية توافق على هذه الخطوة ومستعدة للقيام بخطوات على هذا الصعيد «ولكن بعد ان تصبح حكومة السنيورة شرعية».

واعتبرت المصادر اللبنانية الرسمية ان «التشكيك من دمشق بشرعية حكومة السنيورة يعبر عن نيات سلبية تجاه الوضع اللبناني، في ظل الاتصالات الجارية لإخراج العلاقات من الحال السلبية التي هي فيها، وان الاستعداد الذي تبديه دمشق للتجاوب مع الجهود العربية يقابله سلوك مختلف عملياً».

وتزامنت المراوحة في الاتصالات العربية مع مراوحة في الاتصالات المحلية لحلحلة عقدة تعليق وزراء حركة «أمل» و «حزب الله» الخمسة مشاركتهم في اجتماعات الحكومة التي اجتمعت امس برئاسة السنيورة وغياب هؤلاء، على رغم الاجتماع المطول الذي عقده رئيس الحكومة ليل اول من امس مع الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، والذي انتهى الى ايجابية وحيدة هي مواصلة الاتصالات في شأن شروط الثنائية الشيعية للعودة الى مجلس الوزراء.

واجتمع نصرالله امس مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وقالت مصادر اطلعت على اجتماع نصرالله – بري والذي حضره النائبان أيوب حميد وعلي حسن خليل، والمعاون السياسي لنصرالله حسين الخليل، انه خصص لتقديم نتائج الاتصالات في ضوء لقاء نصرالله مع السنيورة ليل اول من امس. وعلم ان قرار تعليق مشاركة وزراء «أمل» و «حزب الله» ما زال على حاله وان الامور غير محسومة وهناك حاجة لمزيد من البحث والنقاش.

وأكدت المصادر ان لا تحوّل في موقف السنيورة وان جل ما حصل خلال اجتماعه مع نصرالله هو تجنب تطور الأزمة نتيجة احتجاج الحزب على تسرّب ما كان طالب به لجهة إقرار رسالة من مجلس الوزراء الى مجلس الأمن تعتبر القرار الرقم 1559 منفذاً لبنانياً. وذكرت المصادر ان اللقاء ساعد في ترميم العلاقة والتواصل لمعالجة الخلاف.

وأشارت الى ان النقاش فتح نوافذ ايجابية تحتاج الى مزيد من الاتصالات بين السنيورة وبين بري و «حزب الله» ورئيس «كتلة المستقبل» النيابية سعد الحريري ورئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط و «الاجواء ليست سيئة لكنها لم تبلغ مرحلة العودة عن قرار تعليق مشاركة الوزراء الشيعة في اجتماعات مجلس الوزراء.

وأفادت معلومات «الحياة» ان السنيورة كان كرر لنصرالله في اجتماعه معه عدم اقتناعه بمطلب الحزب ارسال كتاب الى مجلس الامن يعتبر القرار الرقم 1559 منفذاً لبنانياً لأنه يُدخل لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي ولأنه يربط سلاح المقاومة بالسلاح الفلسطيني ويحل لبنان من بنود اخرى ما زالت غير منفذة تتعلق بانتخابات الرئاسة الأولى من دون تدخل خارجي وباحترام السيادة والاستقلال اللبنانيين... «وهذا بمثابة تراجع عن رفض قوى عدة للتمديد للرئيس اميل لحود».

وذكرت مصادر وزارية ان موقف السنيورة والغالبية النيابية إزاء هذا المطلب هو انه يضر بشبه الإجماع المعلن بعدما اقنع الحريري وجنبلاط سائر قوى 14 آذار به والقاضي باعتماد الحوار الداخلي في شأن سلاح المقاومة وهو الموقف الذي أبدت القوى الدولية تفهماً له نتيجة جهودهما...

اما بالنسبة الى مطلب الثنائية الشيعية اعتماد التوافق والتشاور قبل عرض أي موضوع على جلسات مجلس الوزراء فقد كرر السنيورة رفضه لمخالفته الدستور. وذكرت المصادر الوزارية ان هذا يمس بصلاحيات رئيس الحكومة واذا اعتُمد هذا المبدأ فإننا نعود الى المرحلة السابقة التي كان فيها الرئيس لحود يحول دون ممارسة رئيس الحكومة صلاحياته بوضع جدول الاعمال، عبر التدخل السوري لمصلحته فيصبح التدخل لمصلحته الآن عبر «أمل» و «حزب الله».

لكن مصادر مطلعة اخرى اشارت الى انه في البحث مع نصرالله لمّح الاخير الى ان الاتفاق على النقاط التي اثارتها الثنائية الشيعية، قد يساعد على بذل «حزب الله» جهداً من اجل انهاء مشكلة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات بتدخل من الحزب لدى المنظمات الفلسطينية المنتشرة في بعض المناطق.

وعلمت «الحياة» ان السنيورة ونصرالله ناقشا ايضاً اقتراح الرئيس بري بالدعوة الى جلسة نيابية قبل الخامس من الشهر المقبل للحوار حول المواضيع المختلف عليها، بناء للمبادرة الحوارية التي أطلقها قبل أكثر من اسبوع والتي لقيت ترحيباً من القوى السياسية والروحية التي ارسل موفدين اليها لاطلاعها على حيثياتها، لعلها تكون المخرج للخلاف الذي يؤدي الى استمرار مقاطعة الوزراء الشيعة لمجلس الوزراء.

وتقول مصادر سياسية ورسمية متعددة ان هناك شعوراً بأن مسألة عودة هؤلاء الى مجلس الوزراء لن تحل قريباً وستبقى حتى ما بعد رأس السنة عالقة، وان ما يجرى من اتصالات هو لتقطيع الوقت في انتظار تبلور مشاريع الحلول التي تبحث على الصعيد العربي.