هآرتس

يروي جدعون ليفي في ملحق هآرتس الذي يُنشر اليوم، قصة محمود شوارا، 43 عاماً، أب لتسعة أولاد الذي خرج من بيته في قرية نعمان قرب بيت لحم للعمل على حماره، والذي جرى اعتقاله من قبل جنود حرس الحدود الاسرائيلي. وبعد أن رفض محمود شوارا الذهاب برفقة الجنود من دون حماره، قام الجنود بربطه بالحمار حيث أسرع الحمار مهرولاً من شدة الهلع باتجاه القرية. نتيجة لذلك أُصيب شوارا اصابات شديدة جداً في كل أنحاء جسمه، وفي نهاية الأمر توفي جراء تلك الاصابات في المستشفى التي نُقل اليها من قبل شهود عيان. وعلى الرغم من أن قسم التحقيقات مع رجال الشرطة لم يجد أي صلة بين تصرف جنود حرس الحدود وبين وفاة شوارا، إلا انه ثمة أدلة على أن الأمر يتعلق بسلوك تنكيلي يعرفه الفلسطينيون وحتى أنه حظي باسم "إجراء الحمار".

أمس الأول اكتشفت هآرتس شخصاً آخر، مأمون أبو علي، تعرض لعملية تعذيب وتنكيل مشابهة من قبل قوة لحرس الحدود قبل شهرين في مكان ليس ببعيد عن المكان الذي اعتُقل فيه شوارا حيث رُبط بحماره. وبحسب شهادة أبو علي، فقد تم ربطه ايضاَ بالحمار، ووضعوا "بلوك" على ظهره، أوثقوا يديه وحثوا الحمار على البدء بالجري، لكن لحسن حظ أبوعلي، لم يتحرك الحمار ما أنقذ أبو علي من الموت.

حالات التنكيل بالفلسطينيين على يد الجنود الاسرائيليين والمستوطنين، لم تعد تحتل عناوين الصحف ولم تعد تثير الصدمة. وحتى أن التحقيق في هذه الأحداث يبدو غير جاد ولا تحظى الشكاوى بأي معالجة إلى أن يتم نشر القِصة في وسائل الاعلام، أو حين تعالجها منظمات حقوق الانسان العاملة في المناطق الفلسطينية.
ربما يمكن رد هذه اللامبالاة المتزايدة الى شعورالرضى المتواصل من خطوة فك الارتباط عن غزة، والتي يشعر الاسرائيليون في اعقابها أن الاحتلال على وشك الانتهاء، بيد أن الاحتلال يتواصل في هذه الأثناء بكامل خزيه وجوره، مع كل تجليات ومظاهر التنكيل التي رافقته طوال السنين الماضية.

بداية هذا الشهر افادت الصحافية عميره هيس عن فلسطيني يدعى طاهر عودة، 14 عاماً الذي خرج من المستشفى التي كان يعالج فيها بعد اصابته بعيار ناري، ليتعرض بعد خروجه مباشرة لعملية تعذيب وتنكيل طوال 24 ساعة في مركز الشرطة العسكرية، قبل أن يُفرج عنه الى منزله. هاتان القصتان اللتان وقعتا في الشهر الأخير تنضمان الى سلسلة طويلة من التقارير في كل وسائل الاعلام حول اقتلاع اشجار الزيتون التابعة للفلسطينيين من قبل المستوطنين، وهي اعمال تتواصل منذ نيسان من دون أي عرقلة.
على الرغم من انه جرى هذا الاسبوع اقتلاع 100 شجرة زيتون اضافية، وعلى الرغم من أنه تم تقديم 15 شكوى الى الشرطة، ومع أن الأمر يتعلق بشكل عام بتدمير وابادة ممتلكات ضمن نطاق يشمل آلاف الأشجار شمال الضفة، الا انه لم تحصل اي عملية من قبل أجهزة فرض القانون لاكتشاف المستوطنين كما لم يُعتقل احد. فرئيس الحكومة واعضاء الكنيست والوزراء لم يعلقوا ولم يصدروا اي موقف، فيما وزير الدفاع، شاؤول موفاز، المسؤول عن منع حصول كل هذه الأحداث والتنكيلات والاعتداءات التي ذُكرت هنا، لم يكلف نفسه ولو عناء شرح ما الذي قام به لإصلاح القليل من هذا الجور والظلم.
الانفجار السياسي ـ الحزبي لم يغير شيئاً في مسألة تعاطي السلطات مع حقوق الانسان الخاصة بالفلسطينيين. هذه اللامبالاة تشكل وصمة عار على جبين المجتمع الاسرائيلي، سيكون صعبا التطهر منها.