معاريف

إن مقالة شلومو غازيت ("نعم لتقسيم القدس" 19 ـ 12) تنضم الى هجوم خاطف اعلامي غامض، يدعو إلى تقسيم القدس. فهو يأتي بثلاثة أسباب: العامل السكاني، و"فشل" وصل المدينة، والحاجة الى الاستجابة من ناحية سياسية لمطلب العرب في القدس.
السبب الأخير يثير الغضب على نحو خاص. لا يوجد للمطلب السياسي العربي في القدس أي اساس يقوم عليه. فالقدس لم تكن قط مدينة عاصمة عربية، وهي لم تكن كذلك حتى في أيام الاحتلال العربي، الذي كانت القدس في أكثر سنيه مدينة مُهملة. أما القدس عند الشعب اليهودي مقابل ذلك، فهي مركز روحي، وسياسي، وقومي وديني منذ نحو ثلاثة آلاف سنة. في العصر الجديد ايضاً كان اليهود فيها أكثرية، ابتداء من القرن التاسع عشر، بالرغم من السلطة العثمانية المسلمة. المكان الأكثر قداسة عند المسلمين هو مكة لا القدس. فالقدس غير مذكورة في القرآن ولو لمرة واحدة، في حين أنها مذكورة في التوراة 667 مرة.
كتب الفقيه ابن تيمية في "مجموع رسائله الكبرى" (من سنة 1323): "التوجه في الصلاة الى بيت المقدس باطل، من يُصلي اليه كافر، مرتد عن الاسلام، يجب أن تُطلب اليه التوبة فاذا ما تاب فذلك خير، واذا لم يتُب يُقتل".
ثمة حاجة لأن نأخذ في الحسبان حرية العبادة الدينية في القدس، لكن لا يوجد تأييد عربي أو اسلامي ساحق لمزاعم عرفات وورثته، أنهم هم الذين يمثلون في القدس جميع العرب، أو جميع المسلمين في العالم، لو كانت اسرائيل خضعت لمطالب الكذب الفلسطينية في القدس ـ لكان هذا احد الأشياء الأكثر غباء الذي كانت تفعله. ان خضوعاً كهذا هو تشجيع للتفكير العربي الزائف، الذي يُنكر أي علاقة لنا بمكان ما في ارض اسرائيل.
ينبغي أن نذكر اقوال حاييم وايزمن للورد بلفور في العام 1906: "كانت القدس لنا عندما كانت لندن مستنقعاً" هل يشتاق احد الى الأسوار في قلب القدس؟
المشكلة السكانية هي قضية جدية. لكن مواجهتها يجب أن تكون نظامية: الوقف العاجل لمشاع البناء غير القانوني العربي في القدس. ان فرض القانون الفاشل يستحق لجنة تحقيق؛ وتشجيع الاستيطان في القدس ـ وهي احدى أجمل المدن في العالم ـ استيطان اليهود من البلاد ومن العالم؛ وتقديم حوافز لمضاءلة الهجرة الداخلية خارج القدس. ان أكثر المهاجرين لا يبتعدون عن القدس جغرافياً، بل يسكنون مستوطنات محيطة. ان جزءاً منهم يفعل ذلك لاسباب اقتصادية، بسبب غلاء السكن في القدس، واقامة صناديق لتشجيع الولادة ولانشاء اماكن عمل نوعية. وهذا فقط جزء من أدوات علاج المشكلة السكانية.
إن زعم "عدم تواصل" القدس، كحجة لتسليم جزء منها لسلطة عربية، هو زعم عجيب. في الحقيقة يوجد ما يمكن تحسينه، ومن الواحب التحسين، لكن القدس أكثر تواصلاً مما يميلون الى الاعتقاد. ان الغريب الذي يأتي اليها سيجد صعوبة في أن يجد مكان الأسوار التي فصلت بين جزءي المدينة حتى عام 1967.
إن اعتقاد أنه يمكن أن تكون في مدينة واحدة عاصمتان لشعبين هو اعتقاد سخيف. حتى في برلين لم تكن عاصمتان، ولا حتى لشعب واحد.