الدستور / خيري منصور

ليس الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو أول من هتلرته إسرائيل في العقود الخمسة الماضية ، ولن يكون آخر هؤلاء ، فمصطلح ’’ الهتلرة ’’ اشتقته الدولة العبرية من صميم لغتها ، مستفيدة من تلك الغارة النازية التي حولتها إلى بضاعة دائمة رغم الكساد السياسي الذي بدأ يهددها في الآونة الأخيرة ، بعد أن تم ضبط القاتل وهو يرتدي قناع القتيل ، ويئن بصوته يقول زئيف شيف في صحيفة هأرتس ، إن طهران قدمت للعالم حتى الآن عام 1979 ثلاثة » هتالرة « أولهم الإمام الخميني ، وثانيهم هاشمي رفسنجاني ، وثالثهم أحمدي نجاد ، ولهذا يجب على إسرائيل كما يقول أن لا تبقى في المقصورة التي اتخذتها مقرا لها ، بل عليها أن تبادر بنفسها إلى الرد المناسب ، والرد المناسب ليس بالضرورة عملية عسكرية مباغتة كتلك التي استهدفت المفاعل النووي العراقي ، فهي قد تكون سياسية في البداية ، كأن تستخدم إسرائيل الجماعات الإيرانية المناهضة للنظام في طهران وهو يعني مجاهدي خلق بالدرجة الأولى ، ورغم أنه لا يشير إلى نحو مباشر إلى استخدام هذه الجماعة سياسيا وعسكريا من جانب النظام العراقي السابق في حربه مع إيران ، إلا أنه يوحي بذلك ، فالسياسة لا تعترف بالهويات أو الجغرافيا إذ تطلب الأمر ، وما كان صالحا للاستخدام بالأمس يمكن تجديد صلاحية استخدامه ! ولا يحتاج قارئ زئيف شيف إلى كثير من الجهد كي يفند هذه الأطروحة ، فقد سبق لإسرائيل أن حاولت استخدام أفراد أو جماعات على طريقة الباترويوت السياسي الرادع أو الذي يعترض صواريخ سياسية قادمة من هذه الجهة أو تلك ، لكن الحصيلة لم تكن ذات شأن ، وسرعان ما بدلت تل أبيب ملاقطها وأدواتها ، إن لم تكن ألقت بها إلى القمامة ! إن مصطلح ’’ الهتلرة ’’ بهذا المعنى ، مطاطي وقابل للتمدد ، بحيث يشمل من يهدد إسرائيل بالحذف و الابادة ومن يدرج اسمه على قائمة أعداء السامية ، لهذا فإن ما يقال الآن في الإعلام العبري عن أحمدي نجاد قيل من قبل عن أخريين ، منهم عبد الناصر وأحم الشقيري وصدام حسين وغيرهم ! الغريب في الأمر أن الكاتب زئيف شيف يشكر الرئيس الإيراني على تصريحاته الابادية ، ويرى بها مناسبة ، وحافزا لأوربا كي تعيد النظر في ملف قديم ، هو التهديدات السوفيتية لها أبان الحرب الباردة ، وأوربا ليست بحاجة إلى مثل هذا التحفيز أو التحريض من زئيف شيف كي تشعر بالفزع على إسرائيل ، فقد بادرت على الفور إلى الإدانة والشجب ، إضافة إلى ما أسماه البعض من دبلوماسييها وقاحة ، وبربرية بالمقابل ، هددت إسرائيل منظمات فلسطينية وعواصم عربية بالحذف من الوجود ، ولم يتحرك ساكن أوربي ، فما صرح به الجنرال ’’ موفاز ’’ قبل أعوام حول ابادة سوريا مر مرور الكرام على الميديا الأوربية ، وحراس حقوق الدول في البقاء على قيد الخرائط ..

أما ما يسميه ’’ شيف ’’ المقصورة التي جلست فيها إسرائيل بانتظار الهجوم عليها ، فهو تضليل أخر ، لأنه من يقصف المدن ، ويذبح الأطفال ويعربد في فضاءات الأخريين ليس جالسا في مقصورة ، بل هو يتربع على مقعد في طائرة مقاتلة أو في دبابة ، لكن الحرص التقليدي على تصوير إسرائيل كبلد معتدى عليه ، ويضطر للدفاع عن نفسه بعدوان استباقي هو ما يدفع معلقين ومحللين إسرائيليين إلى مثل هذا التضليل ، وافتعال المسكنة ، يبقي أن نضيف بأن الكاتب الإسرائيلي وصف حزب الله ، بسلاح نووي إيديولوجي بيد إيران !!