هآرتس

يتعين على دولة إسرائيل السماح لعرب شرقي القدس بالاقتراع في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ليس فقط لأنها تعهدت بذلك في اتفاق اوسلو، بل لأنها لا تريدهم مواطنين في دولة إسرائيل ولأن السماح لهم بالتصويت هو السبيل الوحيد المتاح أمام 250 الف عربي في القدس لممارسة حقهم في التعبير السياسي.
تجدر الإشارة إلى أن قضية حق الاقتراع لعرب القدس أثيرت قبل أكثر من عشرين عاماً عندما جرى الحديث للمرة الأولى عن اجراء انتخابات عامة في أراضي الضفة والقطاع. صحيح أن عرب القدس يحملون بطاقات هوية إسرائيلية، لكنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين. فهذه الهوية أعطيت لهم فقط كوثيقة تحدد حقهم في الاقامة الدائمة داخل إسرائيل. ويتمتع المقيم الدائم بغالبية الحقوق التي يتمتع بها المواطن الاسرائيلي باستثناء مسألتين بالغتي الأهمية: لا يحق له الحصول على جواز سفر إسرائيلي، ولا يحق له الاقتراع في انتخابات الكنيست.
وبالفعل، شارك عرب القدس في انتخابات البرلمان الفلسطيني سنة 1996، كما شاركوا أيضاً في الانتخابات الرئاسية هذا العام والتي فاز بها محمود عباس. وبغية السماح لهم بالانتخاب لصالح المؤسسات الفلسطينية، تم تحديد تسوية ذات طابع تقني. ونشأت الحاجة إلى هذه التسوية بسبب خشية إسرائيل من ان يتم تفسير اجراء انتخابات ضمن اراضيها لصالح كيان سياسي أجنبي، بأنه مسٌّ بسيادتها، وهذا الموضوع حساس طبعاً في القدس.
طلب الفلسطينيون وضع صناديق الاقتراع في القدس وفي كل مناطق شرقي المدينة. لكن التسوية نصت على وضع صناديق الاقتراع في فروع البريد الاسرائيلي داخل الاحياء العربية للمدينة. وبالنسبة لاسرائيل، عرب المدينة أرسلوا، ظاهرياً، أوراقهم الاقتراعية بالبريد إلى الضفة الغربية؛ أما بالنسبة للفلسطينيين، فقد صوت عرب المدينة للسلطة الفلسطينية من داخل القدس أيضاً.
تسوية مماثلة حصلت أيضاً بالنسبة للمرشحين للانتخابات من سكان القدس. ونصت التسوية بأن على المرشحين وضع عنوان سكن إضافي في مناطق الضفة الغربية. وبذلك خرج الطرفان راضيين.
استدعى تهديد اسرائيل بحرمان عرب القدس من حقهم بالاقتراع رد فعل فلسطيني فوري. فقد ادعى المتحدثون باسم السلطة ان عقوبة من هذا النوع ستؤدي الى الغاء الانتخابات. وعلى سبيل المثال، قال أمس رئيس الحكومة الفلسطينية، أحمد قريع، "لن نجري انتخابات من دون القدس". وحتى انه طرحت شكوك لجهة كون الأمر يتعلق بمكيدة تعدها قيادة فتح والحكومة الإسرائيلية لأن كلاهما يخشى انتصار حماس. ووصلت الأمور إلى حد إعلان قادة حماس أنه يجب إجراء هذه الانتخابات حتى لو حصلت من دون القدس.
لا يوجد أي سبب يستدعي تغيير إجراءات الانتخابات التي تحددت في شرقي القدس. صحيح أن إسرائيل قلقة، وعن حق، من مشاركة حماس في انتخابات السلطة الفلسطينية، بيد أن منع عرب شرقي القدس لا يشكل الرد المناسب لأننا مرغمون على السماح لهم بممارسة حقهم في الاقتراع.