نضال الخضري

في تاريخ التراث الأصفر تصادف أن شب حريق داخل "حمام" النساء، وصاغ التاريخ الرواية على شاكلة اللون الذكوري الخاص، فمن بقين في الحمام على لون اللهيب ذهبن في صفحات النسيان، لأنهن من صنف النساء المنسي، أو المرسوم بظلال باهتة على ذاكرة المجتمع. بينما لاحقت الفضيحة من هربن، ليصبح المثل الشهير (يلي استحوا ماتوا) علامة فارقة مستمرة حتى اليوم.

وربما ليس بالمصادفة ظهور المثل في كل لحظة ... فماذا لو شب الحريق في "حمام" رجال؟!! من بقي في اللهيب هو الذي يستحق الموت لأنه غير قادر على استخدام شجاعته ... وهو الجبان وسيء التصرف، أما الهاربون إلى الخارج الحمام، أو حتى خارج الوطن، فهم القادرون على نقل الرواية كشهود تحدوا اللهيب وكانوا قادرين على إثبات رجولتهم رغم أنهم في غفلة الحدث نسوا ستر عوراتهم....

والمثل القديم لم يبق في غياهب التراث الأصفر، لأن التراث مستمر على صفحات حياتنا، كتكرار ممل لذكورية المجتمع، ولقيم عصر المماليك، وهو الذي يستعيد نفسه في حريق المدائن والدول، فنبقى محاصرون بـ"الشهود" الذين يرسمون صورتنا على شاكلة "انتفاضة الرجولة" .... لكن اللهيب اليوم لن يترك الجميع في مساحة النسيان كما حدث داخل التاريخ ... أو داخل الصورة الباقية لزمن مضى.

المثل القديم سواء ظهر أول العام أو آخره لن يسرقنا لأننا مشبعون برائحة اللحم المنصهر مع إيقاع الموت، ولهيب الحديث عن وقائع الاحتراق هو في النهاية صورة مستمرة ... تتكرر ... لكنها تكتسب صفة العولمة، فتنشد أبصارنا على رسم المثل القديم بلون "لا" ذكوري و "لا" أنثوي ... لون من اللهيب الذي نريد إخماده دون بطولات فارغة ابتدعها الذكور وكرسها الإناث.

كان المثل القديم ذكوري بامتياز ... والحدث مع نهاية العام ذكوري بامتياز ... لأن عام "الانشقاقات" طال الجميع لكنه بقي افتراق، وحسابا، ثم شهود على حجم الكارثة لا يهتمون بانكشاف عوراتهم لأنها رمز الرجولة، وربما رمز الزمن القادم.