السفير

تجتمع الحكومة الإسرائيلية، غدا، للبحث في توصية قدمتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بإخلاء القسم الشمالي من قرية الغجر الواقع في الأراضي اللبنانية وتدمير منازل سكانه. وذكر التلفزيون الإسرائيلي أن حكومة ارييل شارون ستقدم لسكان هذا القسم من القرية تعويضات مالية وفق قانون تعويض مستوطني قطاع غزة لمن يقبل الإخلاء ونزع الجنسية الإسرائيلية عمن يفضل البقاء في الجانب اللبناني.
وبحسب التعابير المستخدمة في أجهزة الأمن الإسرائيلية، فإن قرية الغجر تسمى ب<<ثقب الدولة>>. ومنذ أربع سنوات والجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية تحاول العثور على حلول لسد هذا الثقب الذي اثاره ترسيم الحدود في أعقاب الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني. ومعروف أن الترسيم الذي قامت به الأمم المتحدة والذي قاد إلى ما سمي ب<<الخط الأزرق>>، قسم قرية الغجر إلى قسمين: الشمالي منه يقع داخل الأراضي اللبنانية والجنوبي يخضع للسيطرة الإسرائيلية.
وكانت القوات الإسرائيلية قد احتلت قرية الغجر في عدوان العام 1967 أثناء احتلالها لهضبة الجولان. وفي مطلع الثمانينات سنت حكومة مناحيم بيغن قانون ضم هضبة الجولان وفرضت الجنسية الإسرائيلية على
جميع سكان الجولان وبينهم سكان قرية الغجر. ولم تنشأ مشكلة بخصوص هذه القرية التي يسكنها مواطنون سوريون من الطائفة العلوية، إلا بعدما تبين أن نصف القرية يقع في الجانب اللبناني من الحدود.
وحاولت الأمم المتحدة، بالتعاون مع الأطراف ذات الشأن، التخفيف من أثر تقسيم القرية وبقيت موحدة. ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، ساد وضع من التداخل بين القسمين الشمالي والجنوبي في القرية. ولم تقم إسرائيل حدودا وسياجا أمنيا داخل القرية، وحاولت أن تقيم حدودا خارجه. ومع ذلك نشرت قوة من الجيش الإسرائيلي داخل القسم الجنوبي. كما أن حزب الله أقام موقعا له على الطرف الشمالي للقرية.
غير أن أحداثا أمنية وجنائية دفعت إسرائيل طوال الوقت للتفكير بسد هذه الفجوة. وكشف التلفزيون الإسرائيلي النقاب أمس عن أنه ومنذ أربع سنوات وأجهزة الأمن الإسرائيلية وخصوصا رئيس جهاز الامن الداخلي (الشاباك) آفي ديختر يتحدثون عن <<الثقب الأمني>>. واضاف أنه قبل سنة ونصف، أمر شارون أجهزته الأمنية بدراسة أمر إخلاء الجزء الشمالي من القرية. ولكن الجيش الإسرائيلي تلكأ في الأمر بحثا عن وسائل أخرى مثل إقامة سياج أو نقاط تفتيش لم تحقق الغاية منها. وفي ذلك الوقت قدم المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، ميني مازوز، توصية بتنفيذ الإخلاء غير أن ذلك لم يتحقق أيضا.
وفي أعقاب عملية حزب الله الأخيرة التي جرت الشهر الفائت في الغجر، تم تسريع البحث في مصير القسم الشمالي من القرية. والآن تعرض المؤسسة الأمنية أمر تنفيذ <<خطة فصل مصغرة>>. وبحسب التوصية، يجب إخلاء الجزء الشمالي من القرية الواقع ضمن الأراضي اللبنانية بعد منح المواطنين السوريين في الجزء الشمالي المراد إخلاؤهم إلى القسم الجنوبي تعويضات وفق قانون التعويضات الذي أقرته إسرائيل للمستوطنين في غزة. وبعدها ستغلق إسرائيل الحدود بشكل نهائي مع لبنان.
ومن المقرر أن يعرض مازوز يوم غد، رأيه القانوني في التوصية أمام اجتماع خاص للحكومة الإسرائيلية.
وبحسب توصية المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، ينبغي على إسرائيل تنفيذ <<خطة فصل>> في القرية ومن طرف واحد. وبموجب هذه التوصية، يتم إخلاء 400 عائلة تقيم في القسم الشمالي من القرية إلى القسم الجنوبي. ويتم هدم البيوت في القسم الشمالي. وبعد ذلك تقوم إسرائيل بإقفال الحدود وإتمام السياج الفاصل وتحدد بشكل نهائي الحدود مع لبنان. وسوف ينال سكان القرية الذين يتم إخلاؤهم تعويضات وفق قانون تعويض مستوطني غزة.
وثمة من يعتقد في إسرائيل أن قرارا يتعلق بالقسم الشمالي من الغجر، قد يكون له أثر على مستقبل العرب في إسرائيل. فالحديث يدور هذه المرة عن إخلاء <<مواطنين عرب يحملون الجنسية الإسرائيلية>> برغم كونهم سوريين. ومن الجائز أن إسرائيل سوف تعرض على سكان القسم الشمالي البقاء في مناطقهم وخسارة الجنسية الإسرائيلية وعلاقتهم مع أبناء القسم الجنوبي. وتحدث السياسي الإسرائيلي اليميني، أفيغدور ليبرمان، بالأمس عن خطة الفصل في الغجر بوصفها سابقة يمكن استخدامها في المثلث في إطار إعادة رسم الحدود مع الفلسطينيين.