ساطع نور الدين/السفير

هذا هو السؤال الابرز الذي يطرح نفسه في اعقاب الحديث التلفزيوني المدوي لنائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، برغم انه لم يتضح ما اذا كانت الخطوة هي مجرد انذار عربي ودولي لدمشق، ام انها تمهيد فعلي للاطاحة بحكم الرئيس بشار الاسد بشكل او بآخر.

سبق للرئيسين الاميركي جورج بوش والفرنسي جاك شيراك ان اكدا علنا وفي اكثر من مناسبة انهما لا يريدان تغيير النظام في سوريا، وابلغا لجنة التحقيق الدولية برئاسة القاضي الالماني ديتليف ميليس عبر الامين العام للامم المتحدة كوفي انان، بضرورة تجنب كل ما يمكن ان يمس استمرار النظام او استقراره وصرف النظر عن طلب استجواب الرئيس بشار الاسد الذي افاد اكثر من شاهد لبناني انه وجه تهديدات مباشرة الى الرئيس الراحل رفيق الحريري..

لكن دمشق اخطأت مرة اخرى في تقدير الموقف الدولي واعتبرت ان الحرص على بقاء النظام يعني التسامح مع الجريمة والاهم من ذلك التغاضي عن الحاجة الى الاصلاح الامني اولا في سوريا، وبالتالي التخلي عن الغطاء الذي كانت ولا تزال توفره واشنطن وباريس للوضع الداخلي اللبناني وعدم ابقائه رهينة في يد دمشق ..

الارجح حتى الان ان حديث خدام هو شكل من اشكال الحماية للبنان الذي بدا في الاسابيع الماضية انه مهدد بالعودة الى مرحلة ما قبل 14 شباط الماضي، لان نائب الرئيس السوري، وبرغم تشكيكه بشرعية النظام وكفاءته، وبرغم افكاره وبرامجه الاصلاحية التي المح اليها، لم يقدم نفسه كمشروع بديل للحكم ، كما لم يشر الى انه يمكن ان يكون عراب مثل هذا المشروع او مرشده الاعلى.. ولعل كان يعرف ان كلامه يمكن ان يثير ردود فعل معاكسة، ويؤدي الى الالتفاف حول الرئيس الاسد والاستقرار الذي يمثله في سوريا.

لكن المؤكد ان خدام لن يكون الورقة الاخيرة التي يرمى بها في وجه الاسد، اذا ما استمرت محاولات الانقلاب في بيروت. ثمة منشقون سوريون كثيرون يمكن ان يستدعوا للشهادة ضد النظام، وثمة خطوات اخرى غير تلفزيونية يمكن ان تتخذ من اجل اعادة الامور الى نصابها الصحيح بين لبنان وسوريا.. والحؤول دون المزيد من الانفجارات والتوترات في الداخل اللبناني او على الحدود الجنوبية.

اذا تجاوبت دمشق مع فحوى رسالة خدام، فان المجتمع الدولي يمكن ان يعود مرة اخرى الى الالتزام بالسيناريو المصري الذي يقضي باقناع الرئيس الاسد باجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في سوريا عندما تنتهي ولايته الرئاسية في حزيران العام 2007، يشارك فيها اكثر من مرشح ، ثم يرمى بالخاسر في السجن.. فيتحقق الاصلاح وتسود الديموقراطية.