أنور بيجو

(( عزيزي القارئ ، أنصح بداية ، أن تبذل بعض الجهد وبعض القدرة على التحمّل وأن تستمر في القراءة حتى آخر المقال )) .

فما من صاحب رأي ، تسعفه بعض القدرة على إبداء رأيه ، إلا ويأمل أن يصل هذا الرأي إلى أكبر عدد من المواطنين أو القرّاء أو أصحاب القرار ، خصوصاً إذا كان هذا الرأي يأتي في وقت عصيب ، فعندها تكون الكتابة مساهمة من الكاتب في تصويب ما يراه خطأً ، أو ما يراه مخرجاً من مأزق وطني أو قومي ، أو ما يراه مساهمة في نشر وعي قد يساعد على مواجهة الظروف العصيبة التي تجتاح الوطن ، وقد يساعد في بناء لبنة في المستقبل .

بعض المواقع ( الإلكترونية ) تملك عدادات تظهر عدد القراء لكل مقال ، ويفترض أن تكون هذه التقنية مفيدة ، ولها ما يبرر وجودها ، فما الذي يمكن أن تفيده هذه التقنية ؟؟

ما يجب تثبيته وإن كان بدهية ، أن العداد لا يسجل قراءة إضافية ، إلا بعد أن ( يفتح ) القارئ المقال ، وما يكون ظاهراً بداية وقبل ( فتح ) المقال ، هو عنوان المقال ، وأحياناً يظهر إلى جانبه اسم الكاتب وأحياناً ، لسبب ما ، لا يظهر ، كما تظهر بضع كلمات أو سطور من مطلع المقال !!! هنا قطعاً إن ما يدفع القارئ لفتح المقال هو أحد احتمالين : إما عنوان المقال أو اسم الكاتب ، ولا يمكن أن تكون جودة أو أهمية الموضوع هي السبب ، إذ لا يمكن أن تطلع على الموضوع إن لم ( تفتح ) أولاً المقال لتقيّمه .

من تجربة شخصية غير مقصودة ، وبمتابعة بعض المواقع التي نشرت بعض ما ساهمت به من آراء ، وكوني لست كاتباً معروفاً ، واسمي لا يعني شيئا للقرّاء ، وليست الكتابة بالنسبة لي سوى وفاء وطني وقومي ، ومساهمة في نشر ما أراه قد يساعد في هذه الأوقات العصيبة ، فقد لاحظت أن العناوين التي قد تبدو شيقة هي الأساس في أن يقدم القارئ على القراءة أو لا يقدم ، والدليل على ذلك ، أن لي بعض المقالات التي عناوينها من النوع اللافت واسمي لم يذكر بجانبها ، عدد قرّائها يتقارب كثيراً مع المقالات التي عناوينها من نفس النوع واسمي بجانبها ، وعدد القرّاء لهذه المقالات يعتبر نسبياً مقبولاً ، بالمقابل هناك مقالات عناوينها غير لافتة وسواء كان الاسم مذكوراً بجانبها أو غير مذكور ، عدد قرّائها أقلّ كثيراً من تلك ذات العناوين اللافتة .

المحزن في الأمر ، أن غالبية المقالات التي تتناول مواضيع أساسية وجادة ، التي تتناول رؤيا للمستقبل ، لا يمكن أن تحتمل عناوين شيّقة لافتة من مثل ( شمشون الأقرع ) ، بينما المواضيع التي تعتبر هي أقرب للسجال ، أو الرد على حدث ما طارئ ، وإن كانت تحمل قراءة للواقع ومخاطره ، هي ما يحتمل العناوين الشيقة اللافتة .....

أشعر أن الخطورة تكمن في منحانا الثقافي ، في أننا لسنا أصحاب ثقافة عملية بنائية ... ثقافة ، إن تسارعت بقوة ، بالكاد تصل إلى الراهن ، هي ثقافة صمود وتصدّي ومواجهة على الدوام ، ثقافة يكاد المستقبل وأحلامه مفقود فيها ، هي ثقافة عنوان الحدث الراهن الطاغي على كل ما سواه ، والراهن إن لم يكن جوهره الأحلام ، فهو ابتلاع دائم للمستقبل ، بدل أن يكون الأساس الحامل للمستقبل وأحلامه .

نجح ( خدّام ) في تحويل الراهن من أن يكون أساساً للمستقبل ، إلى أن يكون الحفرة التي تبتلعه .

وحيد ذاك العضو في مجلس الشعب الذي أشار إلى ما يجب أن نفعله حتى لا نصل إلى حفرة ( خدّاميّة ) جديدة ، فهل سمعه أحد ؟؟؟