ميليس يواكب التحقيق ومساعدوه يستمعون إلى خدام

السفير

مع قرب عودة فريق لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كاملا الى لبنان، كشفت مصادر رسمية واسعة الاطلاع ان رئيس اللجنة الدولية المستقيل ديتليف ميليس عقد اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى في بيروت بعيدا عن الاضواء خلال زيارته الاخيرة الى بيروت، اضافة الى اجتماعات خاصة مع العاملين في اللجنة ممن ظلوا في بيروت، بعدما عقد اجتماعات اخرى مع الفريق الموجود في الخارج خلال عطلة الاعياد.
وقالت المصادر ان ميليس اشار الى انه هو من رشح المدعي العام البلجيكي سيرج براميرتز لخلافته وانه عقد معه اجتماعات مكثفة لاجل اقناعه بتولي المهمة، وانه يعرفه من ملفات سابقة، حتى انه تعاون معه في ملف ملهى برلين وان آخرين من فريق اللجنة بينهم نائب ميليس غيرهارد ليمان يعرفه ايضا، وان احدى ميزات رئيس اللجنة الجديد اتقانه للغة الالمانية ما يساعد على عدم احداث تغييرات كبيرة في الفريق القيادي للجنة التحقيق.
وحسب هذه المصادر فان ميليس اعرب خلال الاجتماعات التي عقدها مؤخرا عن اعتقاده بضرورة الاسراع في طلب تشكيل محكمة دولية، وانه لا يمانع في تولي منصب المدعي العام فيها اذا كان الامر يفيد، خصوصا وانه اتفق مع انان وناقش مع خلفه طريقة استمرار حضوره في عمل اللجنة والمساعدة حيث يجب، وانه ترك عنوانه في برلين وارقام هواتفه مع مسؤولين لبنانيين رفيعي المستوى بغية الاستجابة لاي طلب يعتقدون انه يفيد به من الخارج. وان وجوده في اوروبا يسهل عليه الحركة والتواصل بعيدا عن الاجراءات الامنية المشددة التي لازمته في بيروت.
وفهم ان ميليس ناقش ترتيبات خاصة لعمل اللجنة بينها انجاز ما لم ينجزه هو سابقا وخصوصا النظام الداخلي لعمل اللجنة ولائحة الاجراءات الواجب اتباعها وفق ما نص عليه القرار 1595. وان النقاش تطرق ايضا الى لوائح العاملين في اللجنة من الذين سوف تجدد عقودهم او الذين سوف يتم انهاء خدماتهم. وان ميليس مرتاح الى العملية الجارية الان وهو يعتقد انه لن يحصل تغيير جوهري على شكل اللجنة وفريق العمل الاساسي فيها.
إفادة خدام
من جهة ثانية، ذكرت مصادر دبلوماسية مطلعة ل<<السفير>> ان لجنة التحقيق الدولية اوفدت مسؤولا رفيعا فيها الى العاصمة الفرنسية وعقد اجتماعا مع نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام وانه جرى
الاتفاق على عقد اجتماعات اخرى معه خلال الاسبوع المقبل للاستماع الى افادته كاملة والتدقيق معه في بعض ما اورده في مقابلته التلفزيونية الاخيرة مع قناة <<العربية>>. ولم تنف المصادر ما اشير اليه سابقا من ان خدام كان قد قدم افادة مفصلة امام لجنة التحقيق ولكنه اشترط عدم الاعلان عن هويته بانتظار حصول ترتيبات تخص نقل افراد عائلته الى خارج سوريا.
هسام جديد
لكن الخبر الجديد والمفاجئ هو المتعلق بشاهد سوري جديد يبدو ان له قصة مشابهة لقصة الشاهد هسام هسام. وهو يدعى إبراهيم ميشال جرجورة، والدته ايفلين، من مواليد سوريا العام 1974 ويحمل الجنسية السورية، وله أقارب في لبنان كانوا قد حصلوا على الجنسية اللبنانية قبل سنوات عدة، وقد وصل الى لبنان قبل سنوات عدة ويقيم في منطقة ذوق مصبح ويعمل كميكانيكي، وكانت له صلة سابقة بالمخابرات السورية.
جرجورة لجأ قبل مدة الى جهات لبنانية طالبا العون لتسهيل انتقاله الى سوريا، لان لديه ما يخيفه من البقاء في لبنان، وقبل ايام قليلة، زار جرجورة مكاتب الزميلة <<الديار>> طالبا الاجتماع مع رئيس تحريرها الزميل شارل أيوب، الذي لم يكن موجودا في المكتب وتحادث معه على الهاتف ثم اجتمع مع احد المسؤولين في الجريدة وقدم له معلومات بحوزته حول أمور كثيرة، لكن أيوب أجرى اتصالات بالجهات الأمنية والقضائية طالبا الحضور لتسلمه. وتولت مجموعة من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تسلم جرجورة ونقله في وقت لاحق الى النيابة العامة التمييزية.
بدأت قصة جرجورة كما قال هو في روايته انه سبق ان فقد أوراقه الثبوتية بعد انسحاب القوات السورية من لبنان، وسرعان ما تبين انه كان يحمل اقامة منتهية الصلاحية، وبعد توقيفه من قبل دورية في الجيش اللبناني، تم نقله إلى الأمن العام حيث طلبت النيابة العامة اتخاذ الإجراءات لترحيله. وقد طلب خلال وجوده في السجن مقابلة احد الضباط وان لديه معلومات تتعلق بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتم ترتيب لقاء سريع له مع احد الضباط الذي طلب إليه الانتظار ليعض الوقت، قبل أن تحضر دورية من قوى الأمن الداخلي وتنقله بحسب ما ذكر إلى مبنى في بيروت حيث تبين له في وقت لاحق انه المبنى الذي يقطن في إحدى شققه احدى الشخصيات السياسية الناشطة في متابعة قضية الحريري. وقال جرجورة انه ظل ساعات منتظرا مع شخص آخر في غرفة خاصة عند مدخل المبنى، وتم خلال هذه الفترة سؤاله عما لديه من معلومات، وان من كان يتحدث اليه كان يختفي لبعض الوقت ويعود ويسأل اسئلة جديدة. وانه جرت عملية تدقيق معه في بعض الأسماء والأمكنة، وذلك قبل أن يتم اصطحابه الى شقة تلك الشخصية التي قدم جرجورة وصفا مفصلا لها وحصل بينهما حوار حول ما لديه. وكانت روايته تستند الى انه كان احد اعضاء فريق المراقبة لموكب الرئيس الحريري وانه كان يقف في آخر شارع فوش حيث كان يقدم معلومات للاخرين عن خط سير الموكب. وقال انه كان يتعاون مع ضابط مخابرات سوري لا يعمل في لبنان وقال ان اسمه الاول عبد الكريم.
وحسب رواية جرجورة نفسه، فانه سمع من تلك الشخصية كلاما مشجعا على ان شهادته سوف تساهم في كشف الحقيقة وان في لبنان من يقدر له هذا العمل وانه في حال كان يحتاج الى مساعدة فسوف توفر له بكل الطرق. لكن المهم هو ما الذي سيقوله امام لجنة التحقيق الدولية، وادعى جرجورة انه ظل في المبنى نفسه لاكثر من يوم حيث تم <<تلقينه>> رواية حول مشاركته وانه اعطي اسماء اشخاص وامكنة لم يكن يعرفها لانه كان يعيش في <<المنطقة المسيحية>> من بيروت، وجرى تدريبه وتم اختباره لاكثر من مرة قبل ان يصبح جاهزا للادلاء بافادته امام لجنة التحقيق. ويضيف انه حصل على الف دولار اميركي ووعد بتسهيل اموره الاخرى.
وفي وقت لاحق حضرت سيارة لبنانية ذات زجاج اسود قاتم، وبداخلها اشخاص اجانب حيث تم نقله الى مقر لجنة التحقيق الدولية في المونتي فردي. وانه اخضع للتحقيق هناك 5 مرات، وانه التقى بالشاهد الفار هسام هسام اكثر من مرة هناك وبآخرين هم من الشهود السوريين، وان اللجنة سالته بالتفصيل عما يعرفه ودققت معه في كل ما قاله ثم طلبت اليه اتخاذ اجراءات خاصة، وانه سوف يمثل امام المحقق اللبناني.
وقال جرجورة انه نقل بمرافقة رجال قوى الامن الداخلي الى النيابة العامة التمييزية حيث قابل القاضي سعيد ميرزا الذي استمع الى افادته قبل ان يحيله الى قاضي التحقيق العدلي الياس عيد الذي استجوبه لساعات طويلة قبل ان يطلق سراحه بموجب تفاهم مع لجنة التحقيق الدولية بحسب ما ذكر جرجورة نفسه في روايته.
وادعى جرجورة انه وبعدما شاهد هسام هسام على شاشة التلفزيون كشف عن الذي حصل معه لاحد اقربائه الذي نصحه بتسليم نفسه الى السلطات المعنية ولكنه ابدى خشيته زاعما انه تلقى معاملة سيئة وتهديدات. وقال انه يفكر بالسفر الى سوريا لانه سبق ان وعد المحقق اللبناني بالعودة اليه في نهاية كانون الثاني مع مستندات تثبت روايته وان الاخير حدد له موعدا لجلسة تحقيق جديدة في الرابع من شباط المقبل.
وقال جرجورة ان مخاوفه ازدادت مع انتقال هسام الى دمشق لان الاخير يعرفه وسوف يبلغ السلطات السورية عنه وان عائلته سوف تكون بخطر. وان <<تعاطف السلطات السورية>> مع هسام شجعه على خطوة مماثلة ولكنه لا يعرف كيفية الانتقال الى سوريا مع تشدد الاجراءات على الحدود من جهة ومراقبته من جهة ثانية. وقرر في نهاية الامر كما ذكر في روايته الانتقال الى مكاتب اشخاص يعتقد ان بمقدروهم ايصاله الى سوريا بعد ان يطلعهم على حقيقة ما حصل معه.
المصادر الامنية الرسمية ابلغت <<السفير>> ان هذه الشخصية حقيقية، وان ما حصل معه في مكاتب <<الديار>> واضح، وانه سبق ان اخضع للتحقيق من قبل لجنة التحقيق الدولية ومن قبل المحقق العدلي، ولكنها لا تعرف مدى صدقيته، وان فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي حاول الاستماع اليه قبل بضعة ايام ولكنه رفض الحديث واصر على التكلم فقط امام جهات قضائية ما اوجب نقله الى النيابة العامة حيث تسلمه المعنيون هناك.