النهار

خصص المعلق في "هآرتس" تسفي برئيل مقالته امس للحديث عن الدور الجديد للسلاح الفلسطيني في لبنان والازمة الحكومية وموقف اسرائيل من تطورات الوضع اللبناني، ننقل بعض ما جاء فيه: "(...) السلاح الفلسطيني يقسم الى نوعين: سلاح داخل المخيمات الفلسطينية وآخر خارجها، وهو الذي يشكل المشكلة سواء من حيث الكمية او النوعية بالنسبة الى النزاع السياسي الدائر بين سوريا ولبنان. فالمعلومات المتوافرة في لبنان و(اسرائيل) ان كميات كبيرة من السلاح هربت من سوريا الى لبنان خلال السنة المنصرمة وقد تستخدم وسيلة رادعة بين يدي عملاء سوريا. يضاف الى ذلك الشكوك التي قام المحقق الدولي ديتليف ميليس بالتحقيق فيها وسيتابعها من سيخلفه، والمتصلة بتورط اطراف فلسطينيين في اغتيال شخصيات لبنانية بينها رئيس الحكومة رفيق الحريري والصحافي جبران تويني".

لكن لهذا السلاح اليوم انعكاسات مهمة على الازمة السياسية في لبنان التي بدأت منتصف الشهر الماضي حين اقدم الوزراء الذين يمثلون "حزب الله" و"حركة أمل" الشيعيين على تعليق عضويتهم في الحكومة بعد اقدامها على اتخاذ قرار بالتقدم بطلب انشاء محكمة دولية لمحاكمة المتهمين في جريمة الحريري...

السلاح الفلسطيني موجود في لبنان منذ الستينات بالاستناد الى اتفاق القاهرة الموقع من جانب الحكومة المصرية بزعامة عبد الناصر والحكومة اللبنانية وياسر عرفات، والذي سمح للفلسطينيين بالاحتفاظ بسلاحهم ضمن شروط معينة من اجل مواصلة حربهم ضد اسرائيل... ولكن بعد خروج الفلسطينيين من لبنان عام 1983 سلم الفلسطينيون غالبية السلاح الثقيل الذي كان في حوزتهم للحكومة اللبنانية واحتفظوا بسلاحهم الخفيف داخل مخيمات اللاجئين للدفاع عن انفسهم... واليوم بات لهذا السلاح اهمية كبيرة في ظل المناورات التي ترغب سوريا في القيام بها في لبنان بعد خروج قواتها من هناك. عندما التقى الاسد زعماء الفصائل الفلسطينية، وفي ما بعد في تشرين الثاني عندما التقى هؤلاء وزير الخارجية الايراني اعطي هذا السلاح صفة سلاح المقاومة، اي السلاح الذي يمكن استخدامه في الصراع مع اسرائيل من لبنان. وبذلك وضع الاسد المنظمات الفلسطينية على طريق الاحتكاك مع الحكومة اللبنانية الجديدة للسنيورة... ولا يشكل هذا مشكلة للحكومة اللبنانية فقط وانما يشمل ايضاً "حزب الله". فاذا عارض الحزب تجريد المنظمات الفلسطينية من سلاحها فسيجد نفسه خارج الاجماع اللبناني ولا يمكنه القول ان هناك فارقاً بين سلاحه والسلاح الفلسطيني. فاذا كان هذا السلاح موجهاً فعلاً لمقاومة اسرائيل حينئذ لا تصبح المهمة محصورة به ويصبح الفلسطينيون ايضاً مؤتمنين على أمن لبنان الأمر الذي لن يقبل به اي لبناني... هذا الوضع السياسي الحساس يفرض على اسرائيل ضبطاً للنفس في سياسة الرد لأن اي عملية لا لزوم لها ضد هدف غير دقيق بما فيه الكفاية سيشكل ذريعة لـ"حزب الله"... وهكذا تحولت اسرائيل الآن جزءاً لا يتجزأ من السياسة اللبنانية، وفي استطاعتها ان تتحرر من هذا الوضع اذا قررت المبادرة الى الانسحاب من مزارع شبعا وحرمان "حزب الله" الحجة التي يستخدمها لهجماته".