محمد ظروف/الوطن القطرية

من المؤكد ان السيد عبدالحليم خدام قد ارتكب ما يمكن تسميته «بغلطة الشاطر» عندما قرر الظهور على قناة «العربية» من اجل فتح النار على النظام السوري الذي يعتبر احد اعمدته واركانه الاساسيين منذ العام 1970 وحتى انعقاد المؤتمر القطري العاشر لحزب البعث الحاكم عام 2005‚

ويكمن هذ الخطأ انه كان بمقدور السيد خدام ان يظل في وطنه سوريا وان يمارس دوره الناصح والمرشد كما فعل العماد اول مصطفى طلاس وزير الدفاع السابق الذي يعد هو الآخر من اهم واكبر رموز المرحلة السورية ومع ذلك فإن الرجل قرر الانسحاب بهدوء من الحياة العامة او من مواقع المسؤولية ولكنه لم يلغ دوره في تقديم النصح والارشاد عند الضرورة‚ اذ ليس معقولا انه كلما تم اقصاء مسؤول او وزير في الدولة او الحكومة السورية سرعان ما يتحول الى معارض على طريقة ابو جمال لأنه في هذه الحالة ستشهد سوريا سلسلة من الانقلابات المتواصلة وبالتالي فقدان هيبة القيادة او القيادة‚

واذا كانت تصريحات خدام للعربية اشارت الى انه كان يواجه الكثير من الاحباطات وانه لهذا السبب قرر السفر الى الخارج فقد كان بمقدوره لو كان صادقا في اقواله ان يبقى في دمشق وان يواصل دوره من خلال مؤسسة حزب البعث التي ظل عضوا فيها بانتظار ان تتغير الظروف حتى يعود مجددا الى تسلم موقع مسؤولية اخرى ولكنه آثر الاستعجال مما يطرح تساؤلات مشروعة حول اسرار رحلة خدام الى فرنسا تحديدا فهو قال انه سافر الى باريس لكي يكتب مذكراته عن حياته السياسية بعيدا عن الضجيج السياسي والاعلامي الذي يجري في سوريا وبين انه اخبر الرئيس بشار الاسد بذلك ولكنه اي خدام لم يقل انه ذاهب من اجل التآمر على النظام الذي ولد وترعرع في احضانه‚

وهنا مكمن السقوط او الانحدار من القمة الى الهاوية وكان جليا ان «أبو جمال» وهو المعروف عنه برصانته وحنكته قد وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه عندما اتهم في تصريحاته القيادة السورية انها متورطة في جريمة اغتيال صديقه رفيق الحريري عندما قال: لم اكن اتصور في يوم من الايام ان تقوم سوريا باغتيال رفيق الحريري‚ ليترك انطباعا لدى الرأي العام ان دمشق هي التي ارتكبت الجريمة وعندما عزف على الوتر الطائفي في حديثه عن موقف سوريا الرافض لما قام به الحريري من تجميع لأعوانه وانصاره من السنة في لبنان وعدم اعتراضها على تحالف الشيعة عبر لقاء امل - حزب الله فوقع في المحظور‚