النهار/ سحر بعاصيري

اية محاولة لقراءة الوضع السياسي في اسرائيل ما بعد ارييل شارون تبدو اليوم كقراءة المكتوب على الماء، لكن ثمة عوامل يمكن ان تساهم في بلورة الاتجاهات.

سوق التوقعات مفتوحة. هل يستمر حزب "كاديما" الذي قام حول شخص شارون أم يتفكك فيعود ليكوديوه الى "الليكود" وعماليوه الى العمل؟ هل يتماسك، خصوصا ان الاستطلاعات لا تزال تضعه في المقدمة، حتى لو اعلن موت شارون؟ كيف يتصرف بنيامين نتنياهو؟ هل يبقى على تطرفه أم يعود الى انتهازيته بمراضاة يمين الوسط ليكسب "الليكود" الاصوات والزعامة؟ وماذا يفعل حزب العمل الذي يحاول استرجاع موقع جدي في الشارع الاسرائيلي؟

تساؤلات كثيرة ولكن يبقى ان مصير "كاديما" سيحدد الكثير في اتجاه الوضع السياسي. صحيح ان القاسم المشترك الوحيد بين اعضاء الحزب كان شخص شارون، لا مشروع ولا خطة. فأقرب المقربين الى شارون يقرون بانه لم يفصح يوما عما في باله. يعرفون انه قرر "تحقيق السلام لاسرائيل" لكنهم لا يعرفون كيف، ويعرفون انه قرر رسم حدود اسرائيل لكنهم لا يعرفون اين كان يريد ان يوقف جدار الفصل أو أية بقع من الارض يريد ان يبقي للفلسطينيين. وهذه نقطة ضعف في الحزب.

ولكن، في المقابل، الحزب موجود وله شعبيته وله اسم شارون. ويبدو منطقيا ان يسعى اعضاؤه الى عدم تبديد الدعم الذي يلقاه الحزب وما يسمى "انجازات" شارون وكذلك التعاطف الذي سيحصل عليه سواءً بقي شارون عاجزا أم مات. بل ان عدم وجود مشروع شاروني واضح بين ايديهم يمكن ان يؤدي الى بلورة مشروع جديد لا يحيد عن "الوسط" الذي روّجه شارون وينفتح على امكان تحالف مع القوى الاكثر استعدادا لاقامة سلام مثل حزب العمل خصوصا ان شمعون بيريس يمكن ان يشكل حلقة وصل جدية بين الحزبين.

اللحظة الغامضة تبدو مفصلية ليس لاسرائيل فحسب بل لاحتمالات السلام. والمساهمة الكبرى في تحديد خط سيرها ستكون لاعضاء اللجنة الرباعية وخصوصا لاميركا. فهل يجد هؤلاء في غياب شارون فرصة لاطلاق مبادرة جديدة للسلام أو اعادة احياء النسخة الاصلية من خريطة الطريق، أم يصمتون ليروا ما تفرزه الانتخابات في اسرائيل اواخر اذار وقبلها تطور الوضع الفلسطيني وانتخاباته منتصف كانون الثاني وعلى اساسه يتحركون؟

لا شك في ان اية اشارات تصدر عن المعنيين من الآن حتى الانتخابات قادرة على التأثير في بلورة الاتجاهات السياسية في اسرائيل من حيث تعزيز أو إضعاف المشاريع المتطرفة والمشاريع المعتدلة.

ولا شك ايضا في ان للعرب والفلسطينيين مساهمة مهمة في تحديد هذه الاتجاهات وذلك بتجنب أية مغامرة قد تساهم أو ربما تدفع الاسرائيليين ومعهم الغرب نحو اعطاء شرعية لاصحاب المشاريع المتطرفة.