نزار صباغ

جميلة هي الحياة ، بأفراحها وأتراحها وشجونها .. طموحنا وآمالنا فيها ، ومجرياتها بكل ما حملته وتحمله لنا، رغم أن عديده قد لا يكون موافقاً لتطلعاتنا ... وقد يكون من أجملها متابعتنا لأبنائنا منذ صغرهم ، نموهم ، طفولتهم ومراهقتهم وأحلامهم ، نرى أنفسنا فيهم ..
كنا مثلهم ، نحلم ونحن صغار أن نصبح كأبطالنا الخياليين - أو الحقيقيين - ، نحلم بكل ما هو ممتع وجميل ونظيف .. ومريح .
اختلف الأمر عند مراهقتنا ، واختلف الكثير من تطلعاتها ، لكنها اشتركت جميعها بما يطلق عليه تعبير "أحلام اليقظة" ... سواء بالحب بالحبيبة ، أم بالتفوق والنجاح ، أم بالقيادة والسيطرة ، أم بالمغامرة ، أم بالحصول على المال والجاه . كما كان البعض هاوياً للقراءة وتصفح الكتب والمجلات التي اختلفت باختلاف الاهتمامات و "أحلام اليقظة " .

أذكر كم كان بعضنا يستخدم التهويل أحياناً ، أو الخروج عن الواقع أو بعض الكذب ، للتأثير على مجموعته من الأصدقاء أو من يهوى ، أو لمحاولة تحقيق جانب من "أحلام يقظته" ... وأذكر أيضاً كم كان جميعنا _ ولا يزال – مؤمنا ومندفعاً للوطن ....
غزا الشيب شعر الكثيرين وكذلك الصلع ، واختلفت التطلعات ، تفاصيل الحياة ومجرياتها ، الأفكار والأسلوب والعواطف .. ورغم ذلك تراودنا البعض من "أحلام اليقظة" ، لكنها تمر كلحظات خاطفة تسبب الضحك في السر من محتوياتها ، وسخافة بعض التفاصيل الخيالية الدقيقة الواردة ضمنها .

وتكمن المهزلة فيمن يستمر بذات أسلوب المراهقة ، بالاعتماد على "أحلام اليقظة" والتهويل والخروج عن الواقع ، ويظهرها علانية ضمن أقواله وكتاباته .... كالسياسة ... (جريدة السياسة الكويتية اليومية تحديداً قطعاً لأي تأويل) .

أحترم كل ذي رأي ، كل من يقدم جديداً ، يحاور ، يقنع ويقتنع ، ضمن منهج تحليلي عقلاني منطقي ، دون تشنج أو أوهام أو تهويل أو خروج عن الواقع أو بعض الكذب .... وبعيداً جداً عن "أحلام اليقظة" .

هذا حال العديد من كتّاب "جريدة السياسة" الذين أحترم ، كما أحترم – إنسانياً – من يخرج منهم عن المنطق في كتاباته وآرائه وتحليلاته ، وما يورده من أخبار من"مصادر موثوقة" ، وما يظهره من تأثير كبير ل "أحلام اليقظة" على تصرفاته وأفعاله وأقواله وآرائه .

فقليلاً من المنطق أيها السادة ، واعتقد أنه يكفي تشبثاً بأحلام اليقظة .....يا محللي "السياسة" .