السفير/حلمي موسى

في الوقت الذي يواصل فيه حزب كديما التقدم في استطلاعات الرأي وتحقيق مكاسب انتخابية كبيرة، تتصاعد الخلافات والانشقاقات في عدد من الأحزاب الأخرى المنافسة. وفيما يرسخ إيهود أولمرت نفسه زعيما لكديما وفي أوساط الجمهور الإسرائيلي، يجد زعماء الليكود والعمل وشينوي أنفسهم في أوضاع صعبة من زملائهم المتصارعين معهم. ويبدو أن لقاء قمة سيعقد في شباط المقبل بين القائم بأعمال رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الأميركي جورج بوش للاتفاق على الخطوات السياسية والأمنية اللاحقة للانتخابات الفلسطينية.

وبرغم تزايد القلق على صحة رئيس الحكومة الإسرائيلية أرييل شارون بعد إخفاق الأطباء في دفعه على الصحو من حالة السبات العميقة التي يمر بها، فإن حزبه <<كديما>> يواصل التقدم. ونال الحزب، في استطلاعات الرأي التي نشرت أمس، ما بين 4342 مقعدا في الكنيست. وأظهر استطلاع صحيفة <<يديعوت أحرنوت>> أن كديما يحصل على 42 مقعدا وأن حزبا العمل والليكود عاجزان عن التحليق؛ إذ يواصل حزب العمل التدهور ويحصل في هذا الاستطلاع على 17 مقعدا فيما لا ينال الليكود سوى 13 مقعدا.

أما استطلاع <<معاريف>>، فقد منح 43 مقعدا لحزب كديما في مقابل 17 مقعدا للعمل و16 لليكود. ويؤكد الاستطلاعان استمرار ضعف حركة شينوي التي تتراجع في الاستطلاعات من 15 مقعدا تملكها الآن إلى أربعة مقاعد فقط.

ولا تزيد نتائج استطلاعات الرأي هذه الوضع في الأحزاب الكبيرة الأخرى إلا سوءا؛ فنتائج الانتخابات في الليكود، التي أظهرت تراجع قوة الوزراء الحاليين وتنامي قوة الشبان والمتمردين، دفعت إلى تعميق الشقاق بين وزراء الليكود المستقيلين وزعيم الحركة بنيامين نتنياهو. فالنجوم التي كانت صاعدة في الماضي هبطت لتغدو في الغالب خارج العشرة الأوائل، وهذا ما حدا ببعض المستقيلين إلى التهديد بالتراجع عن استقالاتهم وخلق انشقاق في الليكود. وقد هدد وزراء الليكود نتنياهو بأنه <<سوف يدفع الثمن>>.

وبحسب التعابير التي استخدمتها الصحف الإسرائيلية، فإنه بعد ليلة من الاحتفالات الانتخابية في الليكود تحطمت الآمال على أرض الواقع السياسي. فكبار وزراء الليكود تلقوا ضربة شديدة في مركز الحزب بعد المناورة التي أقدم عليها نتنياهو والتي تمثلت بمطالبتهم عشية الانتخابات بتقديم استقالاتهم من الحكومة. ومن الأمثلة على الضربة أن وزيرا مثل داني نافيه انتقل من الخمسة الأوائل في قائمة الحزب إلى المكان الثامن في حين انتقلت ليمور ليفنات إلى الموقع الحادي عشر والوزير إسرائيل كاتس إلى الموقع الثاني عشر.

وقال الوزراء إن نتنياهو عمل من أجل حشر الوزراء وإبعادهم عن العشرة الأوائل. وذهب بعضهم حد القول إن نتنياهو بعمله هذا يؤكد عجزه عن تقدير نفسه في مواجهة ساسة كبار ولذلك يجد نفسه بين الساسة الأغرار. وكان ملحوظا أن المكانة الأولى في الانتخابات منحت لشرقي كان على هامش قائمة الليكود السابقة واسمه موشيه كحلون.

وقد شن حزبا كديما والعمل حملة انتقادات ضد نتائج انتخابات الليكود التي برهنت، حسب رأيهم، عن أن نتنياهو بات يقود حفنة من المتعصبين المتطرفين. وكان وزراء الليكود قد قدموا استقالاتهم من الحكومة، الأمر الذي يجبر إيهود أولمرت على اختيار البدائل. وحسبما أعلن، فقد تم توكيل الوزيرة تسيفي ليفني بمهام وزيرة الخارجية خلفا لسيلفان شالوم على أن تتسلم الحقيبة رسميا يوم الثلاثاء. ومن المقرر أن يتم تعيين الآخرين الأسبوع المقبل حيث سيتولى شمعون بيريز حقيبة وزير تطوير النقب والجليل وصلاحيات تفاوضية مع الفلسطينيين. كما سيتم تعيين كل من حاييم رامون وداليا إيتسيك، المنشقين عن حزب العمل، في مناصب وزارية يوم الثلاثاء أيضا.

وكان بيريز قد أعلن أنه وأولمرت سيقرران حدود إسرائيل في الولاية الحكومية المقبلة. وقال بيريز، في خطاب أمام النادي الصناعي التجاري في تل أبيب، إن <<انشقاق شارون عن الليكود لا يقل أهمية عن خروج إسرائيل من غزة ولذلك فعلت أنا هذه الخطوة>>. وأضاف بيريز أنه <<قبل إقدامي على هذه الخطوة أجريت العديد من الاتصالات مع شارون وتحدثت مع القائم بأعماله إيهود أولمرت واتفقنا على قضية مركزية وهي التوصل خلال فترة الحكم المقبلة إلى الحدود النهائية لإسرائيل. وخلق وضعية تقود إلى إنهاء الصراع المزدوج مع الفلسطينيين من ناحية و <<الإرهاب>> من ناحية أخرى>>.

وقادت نتائج الانتخابات في <<شينوي>>، الذي كان حتى يوم أمس الأول الحزب الثالث في إسرائيل، إلى انشقاق كبير بعد خسارة نائب الرئيس أبراهام بوراز موقعه. فقد انشق بوراز مع أربعة أعضاء كنيست من مؤيديه مع احتمال انسحاب زعيم الحزب تومي لبيد وآخرين لأجل إعادة تشكيل حزب <<شينوي>> الجديد. وقالت القيادة الجديدة المنتخبة لشينوي أنها سوف تحسم خياراتها بعد معرفة الوجهة التي سيتخذها تومي لبيد.

وفي هذه الأثناء، أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن أولمرت سيسافر إلى واشنطن مطلع شباط المقبل بعد انتهاء الانتخابات الفلسطينية. وحسب هذه المصادر فإن محادثات أولمرت مع بوش ستتركز حول بلورة الخطوات السياسية بعد الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وفي حال تحقيق حركة فتح فوزاً ملموساً، فستتم مناقشة عملية التقدم في المسيرة السياسية، أما في حال فوز حركة حماس، فسيناقش بوش وأولمرت طرق مواجهة البنية السياسية الجديدة في السلطة الفلسطينية. ونقلت وسائل الإعلام عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنه لم تبدأ بعد التحضيرات العملية للزيارة.