البيان

تراوحت مواقف المعارضات السورية من انشقاق نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام بين قبول بتحفظ ورفض مطلق بسبب الماضي الثقيل الذي يحمله الرجل بوصفه أحد دعائم النظام وأبرز رموزه طوال ثلاثة عقود.

ولعل الموقف الموحد الذي جمع المعارضات السورية في حادثة الانشقاق هو موقف مجلس الشعب الذي وصفته بيانات ومقالات المعارضين بـ»المخزي« وما إلى ذلك من تعابير حاولت توصيف جلسة المجلس التي كرست لنقد خطوة خدام.

ويمكن تقسيم مواقف المعارضات السورية من انشقاق خدام إلى ثلاثة مواقف تتأرجح بين البراغماتية والجذرية، أو بين التعاطي بتحفظ مع النائب السابق والرفض القاطع، وهذا من شأنه أن يشكل نقطة خلاف جديدة يمكن أن تعمق من حدة التمايزات بين أطراف المعارضة بعد أن جمعها قبل أسابيع قليلة إعلان موحد باسم »إعلان دمشق« شكل أول برنامج موحد للمعارضة السورية بكل تلاوينها.

مصداقية المعارضة

موقف القبول بتحفظ تبنته جماعة »الإخوان المسلمين« السورية (المحظورة) والتجمع الوطني الديمقراطي وطيف من الشخصيات المستقلة ويمكن تلخيص وجهة نظر هذه المجموعة بأن »إعلان دمشق« مفتوح على جميع السوريين ويمكن استيعاب حتى أفراد من النظام الحاكم نفسه، أما موضوع إدانة خدام أو تجريمه بالتهم التي نسبها له مجلس الشعب فهذا رهن بتحقيق نزيه ومحاكمة عادلة في ظل دولة ديمقراطية سورية.

ويمكن القول إن هذا الموقف منح فرصة لخدام بغية كسبه على جانب المعارضة رغم كل ما قد يقال عن تاريخ الرجل أو مصداقية المعارضة في الشارع السوري. ويعلل أصحاب وجهة النظر هذه موقفهم بأنهم سياسيون ومواقف السياسيين محكومة بالمصالح المشتركة ولذلك فإن انشقاق خدام في هذه المرحلة يشكل مكسباً للمعارضة السورية ومن شأنه أن يعطي لنقدها سلوك النظام دفعة معنوية كبيرة.

وثمة وجهة نظر ثانية يمثلها بعض الكتاب المعارضين التي لاتفضل الاقتراب من خدام أو التعاطي معه، ولكنها تركز على فضحه للنظام الذي كان أحد دعائمه، ربما يعتقد هؤلاء أن محاسبة خدام ينبغي أن ترتبط بمحاسبة جميع المسؤولين السوريين المتهمين بالفساد، ولذلك فهجومهم في مقالاتهم يتركز على النظام وليس على خدام.

وفي هذا المعنى جاءت افتتاحية موقع الرأي الذي ينطق باسم حزب الشعب الديمقراطي المعارض، حيث خاطبت الافتتاحية مجلس الشعب بقولها: »إن خدام الذي كان من كبار ملائكتكم، ويتمنى كل منكم أن يلمس ثوبه وينال بركته، هو نفسه الذي تعتبرونه اليوم شيطانكم الرجيم، وتضعونه في موضع اللعن. أما شعبنا السوري فله رأي آخر فيكم وفي خدام أيضاً«.

عبد الحليم النووي

وجهة النظر الثالثة تنطلق من منطلقات تتعلق بحقوق الإنسان ودور خدام السلبي فيها، ويتراوح متبني هذا الاتجاه بين مقاطعة خدام وفضحه وبين من يطالب بمحاكمته دولياً بتهم شتى تصل إلى المشاركة في مجزرة صبرا وشاتيلا كما عبر عن ذلك المعارض نزار نيوف الذي بدأ بالإعداد لرفع دعوى على نائب الرئيس السوري بتهمة المشاركة مع إيلي حبيقة في التخطيط لهذه المجزرة.

فيما أطلقت الكاتبة السورية المعارضة نورا دندشي على خدام اسم (عبد الحليم النووي) تيمناً بعلي الكيماوي (علي حسن المجيد) في النظام العراقي المنهار.

ويعبر الكاتب السوري المعارض ماجد رشيد العويد عن خشيته من أن »يبرّئ الموقعون على إعلان دمشق هذا الرجل » النووي« وعندها نكون أمام فقدان للمصداقية، وهذا أمر خطير، فليس على أطراف »إعلان دمشق« قبول مثل هذا الرجل بعد اعتذاره عما شارك فيه من جرائم بحق الشعب السوري الذي عانى، وما يزال من ويلات نظام ساهم في بنائه حتى وقت قريب.

إن مجرد العمل مع هذا الرجل يعني أن المعارضة تفقد الكثير من مصداقيتها، وليست بدورها مخوّلةً لتجنبّ ما قبل انشقاقه، حتى ولو كان الحديث سياسة«.