البيان

تحت عنوان »الاستراتيجية المقبلة« نشرت صحيفة »هآرتس« الإسرائيلية تقريرا لأحد محلليها السياسيين يطرح المسار المستقبلي للقائم بأعمال رئيس الوزراء ايهود اولمرت في حال ما أصبح امسك بمقاليد الحكومة في الانتخابات المقبلة.

وقال الخبير الإسرائيلي زئيف شيف إن اولمرت »سيبدي بالتأكيد الرغبة في تنفيذ مخططات شارون لما بعد الانتخابات، إلا أنه في الواقع لم يكشف شارون أبداً عن كل أوراقه السياسية، والمواقف التي عرضها هي مواقف أولية كما يبدو«.

وتابع أنه وبشكل مشابه لعدد ليس بالقليل لعناصر اليمين، فإن أولمرت قد مر في عملية تحول، فقد أيد خطة »الفصل الأحادي« من قطاع غزة إلى جانب شارون. إلا أنه وبعكس شارون فإن لأولمرت لا يوجد حسابات دموية مع الفلسطينيين، ويبدو أنه يميل إلى عدم الوثوق بهم، على حد قوله .

وبحسب تصريحاته في السنتين الأخيرتين، يبدو أنه توصل إلى النتيجة بأن إسرائيل لن تستطيع الاستمرار كدولة ديمقراطية يهودية إذا لم تغير سياستها التقليدية. ولا شك أنه ينطلق من المخاوف الديمغرافية السلبية التي تتطور بين إسرائيل والفلسطينيين، ولذلك فهو يوافق على التراجع إلى مناطق بحيث يكون فيها أغلبية يهودية كبيرة.

أضاف« يخشى أولمرت أن يتواصل الإرهاب الفلسطيني بعد أن تتوصل إسرائيل، إذا توصلت، إلى إتفاقيات تسوية مؤلمة مع الفلسطينيين، سواء كان ذلك متعمداً أو لكونهم لا يستطيعون الوفاء بالتزاماتهم بوقف أعمال العنف. وكان شارون يعتقد أنه يستطيع أن يوقف الإرهاب بالقوة،

ولكن ذلك لم يحدث، وهذه الحقيقة تغري أولمرت بمواصلة الخطوات الإسرائيلية أحادية الجانب، مثلما حصل في قطاع غزة، إلا انه بعد الانتخابات ستكون الحكومة برئاسته أمام عدة إمكانيات، كل واحدة منها تفرض استراتيجية مختلفة.

إحدى هذه الإمكانات هي أن يواصل الفلسطينيون »الإرهاب«،على حد قوله، وبينما حكومة إسرائيل تنتظر تطبيق خارطة الطريق من قبل الفلسطينيين، سترد عن طريق اتخاذ إجراءات عسكرية،

ترى فيها واشنطن حرباً وقائية إلا أنها ستطلب من أولمرت تنفيذ تعهدات شارون بتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية ووقف توسيع المستوطنات القائمة، وكما تنص عليه خارطة الطريق وتعهدات شارون في رسائله إلى الرئيس جورج بوش ووزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس.

والإمكانية الاستراتيجية الثانية، بحسب شيف، هي أصعب، ولذلك فهي ذات احتمالات أقل، وتشتمل على السعي إلى التوصل إلى اتفاق دائم، ومن غير المؤكد أن منظمة التحرير لوحدها تستطيع التوصل إلى اتفاق كهذا مع إسرائيل، علاوة على أنه من المتوقع أن تزيد حركة حماس من قوتها في الإنتخابات. وبدون مساعدة ملموسة من جانب دول عربية ستتعطل المفاوضات مثلما حدث بين إيهود براك وياسر عرفات في كامب ديفيد.

الإمكانية الاستراتيجية الثالثة تعيد أولمرت وحكومة إسرائيل إلى الخطوات أحادية الجانب، وفي هذه الحالة ستحاول إسرائيل أن تقرر بنفسها الحدود المؤقتة، المذكورة في خارطة الطريق، مقابل الكيان الفلسطيني الذي سيتحول لاحقاً إلى دولة. ولا تستطيع إسرائيل أن تقوم بذلك بدون أن تنفذ انسحابات أخرى، أو بواسطة جدار الأمن والفصل.

ولذلك، يتابع شيف، فإن الحديث هو أولاً عن المستوطنات المنعزلة والبؤر غير القانونية، وفيما بعد انسحاب من الأحياء العربية في القدس الشرقية، وهو أبعد ما كان عن استعدادات أولمرت لتنفيذه في السابق عندما كان في الليكود، أما هذه المرة فلديه فرصة تاريخية لتحقيق الأهم بالنسبة لدولة إسرائيل، من جهة المحافطة على استقلالها يهودية ديمقراطية وضمان أمنها.