معاريف/عادي مينتس

في اليوم الدراسي الذي عقده "معهد جافي للدراسات الاستراتيجية" بتاريخ 27/12/2005 بخصوص موضوع "منظمة التحرير الفلسطينية... بين حركة تحرير وطني وسلطة وطنية" طُرح موضوع الانتخابات وإمكانية فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية الفلسطينية القادمة، وكيفية تعامل اسرائيل مع هذا الاحتمال، وكانت المسألة المطروحة على جدول الأعمال والتي أذهلتني هي أنه سواء استولت حماس على السلطة أم أنها أصبحت جزءاً من السلطة الوطنية، فثمة نوع من الاجماع تكون لدى المتحدثين يقول "لن يكون أمام اسرائيل مفر من البدء بالتحدث مع حركة حماس! حتى ان أحد المتحدثين ذهب أبعد من ذلك حين قال "كما ان اسرائيل لم يكن أمامها خيار واضطرت بعد سنين طويلة من العداء والحرب والمقاطعة من التحدث مع حركة فتح، بل انها نجحت في التوقيع معها على اتفاقيات أوسلو، هكذا فإن اسرائيل ـ هذه المرة أيضاً ـ مضطرة لأن تبدأ حوارها مع حماس التي لا بد أن يظهر بين صفوفها أشخاص عمليون.

من المعروف أن الحكومة الاسرائيلية تتلعثم في هذا الموضوع، وأنه حسب تقديري، لا يوجد تفكير ودراسة استراتيجية مناسبة في هذا الموضوع، وبطبيعة الحال لا توجد قدرة "حسم قومية" في هذا الشأن، والدليل على ذلك الموقف المتردد من موضوع إجراء هذه الانتخابات في القدس الشرقية.

وأريد الاسهام ـ هنا ـ في هذا الجدل بسؤال واحد: بخصوص ماذا سنتحدث مع حماس؟... هل سنتحدث معها بشأن مراسم إجراء الجنازة والدفن لدولة اسرائيل؟ فأنا أذكر أن حكومات اسرائيل المتعاقبة في سنوات الثمانينيات، بما فيها حكومة العمل بزعامة شمعون بيرس رفضت التحدث مع فتح، وذلك لأن الميثاق الوطني الفلسطيني كان ينص على عبارة "القضاء على دولة اسرائيل"، وأن الاصرار على النصوص الذي تمحورت حولها المناقشات في أوسلو والاتفاقية التي تم التوصل إليها في نهاية الأمر، حصلت بعد أن اعترفت حركة فتح بوجود دولة اسرائيل والاتفاق على وجود الدولتين.

وبعد خمس سنوات من الانتفاضة التي أطلقها عرفات بعد رفضه ـ حتى ـ مقترحات كلينتون ـ السخية، فإنه يتضح للجميع أن حركة فتح ـ أيضاً ـ لم تكن تعني حقيقة نيتها باتفاق سلام نهائي مع اسرائيل من خلال التنازل عن "حلم فلسطين الكبرى". فقد رأى بتلك الاتفاقية "مرحلة على طريق المخطط الكبير للقضاء على دولة اسرائيل، لكنه نهج أسلوب تضليل معنا، وواصل المتحدثون باسمه (ولا زالوا حتى الآن) يوجهون خطابهم السياسي للعالم بلغة تقول انهم تخلوا عن فكرة القضاء على دولة اسرائيل، ولكنهم في الداخل يواصلون تثقيف وتعليم الأجيال عن فلسطين الكبرى.

السؤال المهم هو: الى متى سنواصل اللعب والعبث بوجود دولة اسرائيل؟ والى متى ستواصل اسرائيل طريقها في الانسحاب مثلها مثل الانسان الذي لم يستطع التوقف عن التدخين، وبدلاً من ذلك فإنه يسخر من الذين يحذرونه من الأضرار البالغة التي سوف تلحق من جرّاء ذلك. لقد حان الوقت لوضع خطة بديلة متعقلة تضمن بقاء دولة اسرائيل لأجيال قادمة دون أن نضع مستقبل أطفالنا رهناً لأحلام مضللة.