حياة الحويك عطية/الدستور

اما ان يكون وليد جنبلاط قد فقد عقله ، او شلّه بممارسات ما واما ان يكون الرجل متورطا حد النخاع في مخطط دولي خطير بحق الوطن والامة ، ولا اقول بحق لبنان وسوريا فقط .

فعندما تتكرر اكثر من مرة الحادثة نفسها : يعطي تصريحا بالصوت والصورة ، لا يحمل الا نفس الخيانة الوطنية ، ثم يعود لتكذيبه في اليوم التالي فهذا يدل على احد امرين : اما ان الرجل ليس بكامل وعيه ، واما انه يخرج عن طوره ويكشف عما في حقيقة نواياه ، فيأتي من هم اكثر دهاء في حزبه ويقولون له : هذا لا يجوز ، اوقعتنا في ورطة وعليك التراجع .

واذا كانت هذه المسألة تطرح للوهلة الاولى مسألة مزمنة في السياسة اللبنانية ، هي مسألة الاقطاع السياسي ، والوراثة السياسية عبره ، سواء كان الوريث اهلا ام لم يكن . فان المسألة الاخرى الاكثر الحاحا في الوقت الراهن هي تلك التي تدور حول سؤال : ماذا يريد وليد جنبلاط ؟ ومن هم وراء وليد جنبلاط ؟ ولماذا ؟ واضح منذ اللحظة الاولى لاغتيال الحريري ان المطلب الرئيس لمن كانوا يسمون حركة المعارضة واصبحوا الان يسمون انفسهم الاغلبية بعد ان اشترى لهم سعد الحريري مقاعد نيابية تكفي لتشكيل اغلبية ، واضح ان المطلب هو شكل من اشكال الاحتلال الاجنبي الذي يؤدي الى مهمة نزع سلاح المقاومة ، وفرض سلام اسرائيلي على لبنان ، يكون استكمالا للطوق المحكم حول عنق سوريا .وقد تجلى هذا الهدف على لسان وليد بيك ، بالمطالبة بالانتداب الاجنبي على البلاد .فور حصول الاغتيال.

مؤكد ان وليد جنبلاط لم يكن وحده المنخرط في الخطة المضمرة والتي كانت بذاتها سبب اغتيال الحريري. ولكن الاخرين كانوا اكثر ذكاء ودهاء ولم يصرحوا بما في بالهم ، وما اتفقوا عليه مع رعاتهم الغربيين .لذلك وجد جنبلاط نفسه وقد تقدم خطوة كبيرة جدا عن الركب ، فتراجع الى الوراء والتحق بزملائه واعتذر عن تصريحه ذاك ، بل وتجاوز باطلاق تصريحات مناقضة تماما ، خاصة فيما يتعلق بسلاح المقاومة . هذا الامر هو ما يتكرر في كل مرة ، وآخرها كلامه الاخير عن سلاح الغدر . كلام حاول ان يتراجع عن كونه يقصد به سلاح المقاومة اللبنانية ليلصقه بجماعة احمد جبريل ، وليخرج هؤلاء فيفضحون العرض الذي قدمه لهم بشراء سلاحهم بمال الحريري .

واذا كان الرجل شخصيا لم يعد في وضع يحسد عليه ، فان الامر الاخطر والمهم هو ان هذا التصعيد الكلامي من قبله ليس مجانيا ولا صدفة ، انه محاولة مقصودة ومبرمجة لتسخين الوضع حد الانفجار . فاذا كانت آمال التدويل التي بنيت على اغتيال الحريري قد فشلت لاسباب كثيرة منها ما يتعلق بالتحقيق ومنها ما يتعلق بالوضع الداخلي والاقليمي ، فان الانتلجنسيا الاميركية الصهيونية ، وادواتها اللبنانية لم تألُ جهدا في البحث عن اسلوب آخر . من هنا فان المطلوب الآن هو تفجير الوضع عسكريا بأية طريقة كانت ، كي يؤخذ ذلك ذريعة للتدخل الاجنبي . بطلب من الحكومة اللبنانية نفسها ، وربما من مجلس النواب ان تمكنت اطراف عربية وداخلية من لجم الحكومة .

وقدطرح لذلك سيناريوهان : الاول تفجير الوضع في بيروت وهو ما كاد يحصل يوم السبت عندما اعطيت الاوامر لقوى الامن باطلاق النار على الطلاب المتظاهرين . ويوم الاثنين عندما جند جمع من عرب المسلخ للتصدي لهؤلاء الطلاب المتظاهرين احتجاجا على القمع الذي تعرضوا له . في حين ان السيناريو الثاني هو تفجير الوضع بين الشيعة والدروز في الجنوب ، مقدمة لتدخل اسرائيلي تطلب الحكومة على اثره تدخل مجلس الامن ، فيكون قرار التدويل ... وكلها تؤدي في النهاية الى الاهداف الاساسية : رأس المقاومة رأس لبنان ورأس سوريا .