وليد رباح

يقيني أني كتبت هذه الكلمة و(شارون) يُعاني خروج الروح من جسده ... ولا يعنيني في هذا الأمر موته ... فكل سوف يموت حتى وإن كان سفّاحا ... ولكن الذي يعنيني ... أن الكثير من الزعماء والدهماء على حد سواء في هذا العالم قاموا بالدعاء والصلاة أن يظل (شارون) "رجل السلام"!!! على قيد الحياة ... وأولهم وليس آخرهم "رئيسنا الهمام" (جورج دبليو بوش) ... صاحب الأيادي البيضاء في عمليات القتل والقصف والذي لم "يشبع" بعد من شرب الدماء وعمليات القتل الجماعي وهدم المساكن فوق الرؤوس، وإنما يريد المزيد ...

وبما أنني متأكد تماماً ... أن (شارون) في طريقه نحو الموت .,. وأن الصلاة لا ولن تنفعه أو تؤجل موته... حتى دعوات (القس روبرتسون) الذي بنى أمجاده على مقولة لعق الدماء ... و"تفويضات الرب" الذي ميّزه عن باقي البشر ... لن تمنحه الخلود الأبدي ... فإني أرجو وأتوسل أن يقوم الرئيس الأمريكي بالصلاة والدعاء لكل زعماء العرب عندما يُصيبهم المرض ... فصلاته لعنة على المرضى ... وتوسلاته بالبقاء على قيد الحياة لا يقبلها أحد فكيف يقبلها الله ؟

ولسنا هنا في مجال تعداد الجرائم التي ارتكبها (شارون) ... بدءاً من قتل الأسرى المصريين ومذابح صبرا وشاتيلا ... إلى ذبح الفلسطينيين واقتلاع زيتونهم وتشريدهم وسرقة أراضيهم ... ولكني أدعو الله أن لا يُميت (شارون) في هذه الأيام ... ليس لأن (شارون) "مؤمن" و"رجل سلام" و"عادل" و"رحيم" ... بل لأن موته يعني انتهاء عذابه ... وإني لأرجو الله أن يُطيل في عمر هذا الرجل ... لكي يرى عذاب المرض حتى يصل إلى حال يتمنى فيه الموت ... مثلما أوصل ضحاياه إلى حالات تمنوا فيها الموت نتيجة الألم الذي أصابهم ... وعسى الله أن يستجيب لدعوتي ... فلست (بوش) ولا (شارون) ولا (روبرتسون) ...

وقد يظن البعض أني سادي أحب تعذيب الناس ورؤية آلامهم وعذابهم ... على العكس تماماً ... فإني معجب (بشارون) وببطولاته ضد ضحاياه من النساء والأطفال والرضّع ... وكم تمنيت أن يكون عندنا في زعماء العرب (شارون) آخر أو أكثر ... له نفس المزايا ... وبه نفس الصفات ... يخدم بلده بالقدر الذي خدم به (شارون) كيانه الصهيوني ... ولكننا لن نرى ذلك أبداً ... لأن زعماء العرب جميعاً قساة على شعوبهم ... رحماء على الأعداء ... و"الشهامة" العربية تمنعهم من أن يكونوا غير ذلك ... والسبب ... إما لأنهم جبناء... أو لأنهم عملاء ... وكلا الأمرين مر.

لقد اكتسب (شارون) شهرة عالمية لا يضاهيه فيها أحد هذه الأيام إلا رئيسنا "الهمام"، فهما يعزفان على نغمة واحدة ضمن أوركسترا الموت والدمار ... وكأن الرب لا يُقيم الدول إلا على جثث الموتى ... ويريان الحق باطلاً والباطل حقاً ... الجميل حسناً ... والحسن قبيحاً ... الأول "أعطاه الرب" تكليفاً بقتل البشر لكي يُقيم كياناً صهيونياً على أسس وأعمدة ضخمة ... تلك الأسس التي تعتمد جماجم الموتى وعظام الأطفال ... والثاني "منحه الرب" تفويضاً بإقامة "الديمقراطية" في أنحاء هذا العالم الخرب ... مستخدماً أدوات الدمار الحديثة ... وبما أنهما لم يُقدما لنا تلك العطية وذلك التفويض مكتوباً ... ولم يُقدما دليلاً واحداً يُفيد أن الرب عنده تمييز عنصري ... أو أنه يُفضل شعباً على شعب آخر ... أو أنه يكره ناساً ويُحب آخرين ... فإننا سنتهمهما سوياً بأنهما أحد أمرين ... إما أنهما بحاجة إلى أطباء نفسيين للمعالجة ... أو أن الدم الذي يجري في عروقهما دم إجرام وملوث ببكتيريا خاصة قلما نجدها إلا في عتاولة الدكتاتورية ... وإني أرجح الأمرين معاً ... ذلك أن الطب الحديث لم يكتشف بعد جينات لعق الدماء من على أجساد الموتى ...

لن يلبث (شارون) طويلاً حتى يلفظ أنفاسه الأخيرة ... إلا إذا استجاب الرب دعوتي بأن يُبقيه على قيد الحياة... وإذا ما تحقق أحد الأمرين، وسوف يتحقق ... فإني قد عوّلت أن أتي على قدمي حاجاً إلى تل أبيب مثل باقي زعماء هذا العالم ... لكي أهنئه بسلامة العودة إلى الحياة ... أو أُعزي شعب الكيان الصهيوني بوفاته (المبكرة) ... ويقيناً أنني سوف أتلقى بركات الرب الذي فوضني بالتهنئة أو العزاء ... (فشارون) منحه الله دماً أزرق اللون يناله كل من تبرك به ... ولا يستبعد أحد إذا ما توفي (شارون) بهذه الأيام ... أن يُقام له تمثال ـ "بأمر الرب أيضاً" ـ ليحج إليه كل من في هذا العالم ... وأولهم طواقم زعماء العرب ... لكي يمنحهم بركاته الأبدية ... التي تطيل أعمارهم على كراسي الحكم اتعاظاً بتجربته "العظيمة" التي منحته تلك الشهرة العالمية.

ولا أدري إن كنت "سوف أمر" بطريقي على شعب فلسطين لكي أعطيه التهنئة أو التعزية ... فالسلطة الفلسطينية تدعو (لشارون) بالبقاء ... ويقولون بأنه تغيّر نحو "الأحسن" والشعب الفلسطيني يوزع الحلوى لقرب وفاته ... فإذا ما اعتبرته "بطلاً" بصق الشعب الفلسطيني على هامتي ... وإذا ما وصمته بالإجرام فإن السلطة سوف تضع اسمي على حدودها ـ إن كان لها حدود ـ ... وعلى أية حال ... انتظروا الأنباء الطيبة التي سوف تأتي من العراق ... فالأمثال العربية في مسلسلاتها تقول: إذا أردت أن تعرف ما في أمريكا ... عليك أن تعرف ماذا يجري في العراق.

وتصبحون على خير.