معاريف
شلوموه تسادوق

منذ ادخال رئيس الحكومة إلى مستشفى هداسا لتلقي العلاج، نشرت استطلاعات للرأي تشير إلى أن حزب "كاديما" سيحافظ على قوته حتى من دون ظل شارون الهائل، وتحت قيادة أولمرت. بيد انه من شأن استطلاعات هذه المرة تمنى بهزيمة نكراء للمرة الأولى في تاريخ استطلاعات الرأي السياسية في البلاد تتعارض هذه الاستطلاعات مع تاريخ كل "أحزاب الزعيم العسكري"، التي قامت هنا في السابق.
يستطيع بسهولة الباحثون في مجال العلاقة بين الجيش وبين السياسة في اسرائيل ان يُصنفوا حزب "كاديما"، وعلى رأسه شارون، على أنه نوع من "حزب الزعيم العسكري". حزب الزعيم هو حزب شديد الوهن، يفتقر إلى جهاز نشيط ومؤسسات، يرأسه الزعيم الذي في يده الأمر والنهي. وإحدى الصيغ الشائعة لأحزاب الزعيم هي حزب القائد العسكري، وهو يعتبر كذلك حتى وإن مضت سنوات عديدة على خلعه للزي العسكري. ويفتقر مثل هذا الحزب أيضاً إلى حيوية وزخم الصيرورات السياسية المعروفة والتقليدية، لأن كل شيء يبدأ وينتهي بالقائد العسكري. فبينما يكون الزعيم المدني متعدد المجالات والاختصاصات على صعيد اهتماماته واهتمامات حزبه، فان القائد العسكري يخرج من داخل الجيش ويبقى هناك في أغلب المرات. وتشير هذه السمات المميزة إلى حقيقة مثبتة: غياب الزعيم العسكري يقصر مدى الحياة السياسية للحزب إلى مستوى التلاشي.
فيما يلي عدد من النماذج: اللواء أرييل شارون مع حزب شلوم تسيون، العقيد آسف يغوري مع حزب ياحد، الفريق موشيه دايان مع حزب "تيلم"، اللواء عيزر فايسمان مع حزب ياحد، الفريق رفائيل ايتان مع حزب تسومت، العقيد يعقوب حسيداي مع حزب ليؤور، العميد افيغدور كهلاني مع الطريق الثالث، واللواء اسحاق مردخاي مع حركة المركز. هذه حركات سياسية لم يبق منها أي أثر حزبي بعد استقالة الزعيم. ويمكن القول بلغة الرياضة ان هذه الاحزاب لا تركض في الماراتون، بل تمارس رياضة الوثب على العصا نحو الأعلى إلى ان تسقط العصا.
ويعلمنا التاريخ أيضاً أن الشخصيات التي في الصف الثاني ضمن هذا النوع من الاحزاب تعود، بعد ذهاب الزعيم، إلى الحزب الأم بشكل عام، أو تستقيل كلياً من الحياة السياسية. وإذا كان الأمر كذلك، فيبدو أننا أمام مبارزة جدية بين التاريخ وبين استطلاعات الرأي، فمن سيهزم الثاني؟ فالتاريخ والاحصاء لا يقفان إلى جانب حزب كاديما، لكن مع ذلك، يسير الزمن لصالحه: فالانتخابات بعد نحو شهرين، ومن المحتمل أن لا يتمكن جهاز الاصطدام الطبيعي بفضل المدة الزمنية القصيرة المتبقية للانتخابات، بالتسبب في حصول انهيار تام، وبالتالي من شأن "كاديما" النجاح في تجاوز هذه المعركة. لكن ثمة شكاً كبيراً ما إذا كان حزب كاديما سينجح في ذلك خلال الانتخابات القادمة أيضاً. لكن إذا حصل هذا، فان "كاديما" سيكبر وينمو حتى من دون الزعيم الأسطوري، ذلك أن نجاحه سيشكل دليلاً إضافياً وأبدياً على عظمة وخلود شارون: فهو ينتصر حتى على التاريخ والاحصاء.