أنــــور بيجـــــو

من أيام قرأت ( مقالة أو خبراً ) في صحيفة السياسة الكويتية ، كتب فيه صاحب الخبر عمّا يجري من حوارات ومعاتبات واقتراحات وحلول ضمن عائلة الأسد ، وكيف تعاتب السيدة الأولى الرئيس !! وكيف تكره ( الكنة ) سلفتها ........ فكرت أنه لا بد أن الكاتب هو بمثابة فرد من العائلة ، يشرب معهم القهوة الصباحية ، ويلاعب أطفال العائلة الصغار بمودة ، ولقربه من قلب العائلة ، وللمعزّة الكبيرة التي يحملونها له ، ينشرون أمامه كل ما لديهم من مشاكل عائلية، ولأنهم يعرفون رجاحة عقله وحكمته ، ربما يطلبون منه النصح والإرشاد ، وهو يسدد لهم خطاهم ..... !!!!

واليوم قرأت بيان السفارة الأمريكية حول ما نشرته صحيفة السفير اللبنانية ، وكيف أن ما نشرته صحيفة لبنانية في مقالة ، ( وأؤكد في مقالة ) ، يهدد حياة سفير أكبر وأقوى دولة في العالم ..... !!!

وعلى هذا السياق ( ألعجائبي ) ، قفزت في ذهني من جديد ، أسئلة كانت قد نامت فيه منذ مدة طويلة ، إما بفعل التعب ، أو بفعل زحمة الأسئلة المتلاحقة ، فجأة ، على وقع كلمات صاحب السياسة الكويتية ( جار الشيطان ) ، وعلى وقع كلمات سفير أمريكا ( فيلتمان ) ، استيقظت تلك الأسئلة : ..... من صوّر ما جرى في سجن أبو غريب ؟؟ ...... هل هو شخص ليس من الجيش الأمريكي أو المخابرات العسكرية الأمريكية ؟؟ ....... إذا كان الجواب نعم ، فكيف دخل ذلك الغريب إلى سجن أبو غريب ؟؟ ..... وهل دخل سرّاً ؟؟ ...... أم دخل بمعرفة المسؤولين عن السجن ؟؟ ..... وهل دخل ليصوّر ما يجري ؟؟ ...... أم دخل لسبب آخر وكان يخفي آلة التصوير تحت ثيابه ؟؟ ..... وأسئلة لا تنتهي في هذا الاحتمال .....

وإذا كان الجواب لا ، هل جرى التصوير بدون علم القادة ؟؟ ..... أو على الأقل هل ظهر أن التصوير جرى سرّاً عمن يمارسون التعذيب ؟؟ ...... أم أن من مارس التعذيب كان يعرف أن هناك من يصور ما يقوم به .......... ؟؟؟؟ ...... وأسئلة لا تنتهي في هذا الاحتمال ....

أسئلة لا تنتهي في الاحتمالين ، لكن بالنسبة لي كلها تشير ، إلى أن حدث التصوير ، وليس التعذيب ، أمر غير معقول ....... يومها ، فكرت أن لا بد أن يكون الأمريكان هم من قرر التصوير والنشر ، وأن لا بد أن يكون من وراء ذلك التصوير ، ومن وراء نشر تلك الصور، حكمة ما للأمريكان في هذا الزمان ، إذ دائماً ، حكمة الأمريكان ، في هذا الزمان ، غير معقولة !!!

ألا يشعر أي مواطن على هذه الأرض ، أن شيئاً ما يعتمل في صدره ، لكن هو نفسه غير واثق من ماهية من هذا الشيء ، إلى أن يخرج من صدره ويسمعه بأذنه ، لكنه بفعل أدوات القهر ... لا يخرج ، هو أشبه بمن يهاجمه كابوس فيحاول أن يصرخ بأعلى صوته ، فلا يسعفه الصوت ؟؟

يعرف الأمريكان ، أن الشعوب لا تفنى بالمعارك والحروب ، وأنه بالولادة يُعوّض الأفراد الذين ُقتلوا ... وأن الدبابة المحترقة ، بالمال يمكن أن ُتشرى ، والمصانع يمكن إعادة بنائها ، والزيتون يمكن أن يُغرس من جديد ..... وحدها الروح ، إذا ُقهرت لا ُتعوّض ، وهذه هي حكمة الأمريكان في هذا الزمان !!! تمتدّ هذه الحكمة من أسلحة الدمار الشامل في العراق ، ثم إلى تغيير النظام فيه ، وصولاً وليس انتهاءً ، إلى السنوات الطوال التي تحتاجها مكافحة الإرهاب في العراق الذي هو حقاً موجود الآن ، لكنه حضر مربوطاً بذيول الأمريكان .

حكمة الأمريكان ، تمتدّ من فرض قاتل رفيق الحريري ، إلى اعتبار كل من يقاوم على أرضنا ومن أجلها وبدون استثناء أنه إرهابي ، تمتدّ من مديح جاك استرو للمجرم في موقع الجريمة ، من حرية إبداء الرأي عن طريق توظيف ( السياسة ) الكويتية وصاحبها ( جار الشيطان ) ( بفبركة ) ما يدور بين أفراد العائلة ، وبين الرؤساء وما يدور بينهم من ( قفشات ) ونصائح وتوبيخ ...... إلى سطر في ( السفير ) يهدد حياة السفير ..... إنه قهر الروح ، فليس من سجن لم يجر فيه التعذيب ، لكنّ قهر الروح في نشر التعذيب لا في حصوله ، لذلك لم يرسل السفير ( إنكاره ) لما ورد في ( السفير ) حسب الأصول ، بل نشر أن من يقتل ويتدخل ويفتن هو ضحية سطر في صحيفة .

اليوم ، ليست المقاومة بسلاح المقاومة ، بل بقوة روح الإنسان تقاوم حكمة الأمريكان ، وتحية لـ ( السفير ) وردّها الراقي المقاوم .