رندى حيدر

تناول المعلق تسفي برئيل في صحيفة "هآرتس" امس الصعوبات التي تواجهها الولايات المتحدة والدول الاوروبية في اقناع روسيا والصين بفرض عقوبات على ايران وتعريض مصالحهما الاقتصادية هناك للخطر. ونقتطف بعض ما كتبه: "قطع الوفد الروسي العسكري فجأة المفاوضات التي كان يجريها في طهران وعاد الى موسكو. كانت الغاية من هذه الخطوة غير المتوقعة ان يظهر للايرانيين وللاميركيين ان الروس قرروا اخيراً المشاركة في اللعبة الدولية الساعية الى عرقلة، ان لم يكن وقف سباق التسلح النووي لايران. كان المفترض ان يقدم الوفد الموافقة النهائية على اتفاق بيع ايران انظمة صواريخ دفاعية من طراز اس – 300 والتي ينتظر ان يبلغ ثمنها 800مليون دولار، اي ما يوازي الثمن المقدر لتكلفة المفاعل النووي في بوشهر الذي يقيمه الروس للايرانيين.

بالطبع المشروع الدفاعي الذي جرى التوقيع عليه بالاحرف الاولى مطلع عام 2004 لن يصبح لاغياً اذا توقفت المفاوضات، ولكن هذه الخطوة تدفع النظام الايراني بالتأكيد الى اعادة التفكير، لا سيما بعدما صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاسبوع الماضي ان روسيا ستدعم اقتراح طرح الموضوع النووي الايراني على مجلس الامن.

اتى تصريح لافروف بعد رفض ايران القبول بالاقتراح الروسي تخصيب الاورانيوم وقرارها فتح مختبراتها للابحاث من اجل هذه الغاية. وعندما اجتمع ممثلو بريطانيا وفرنسا والمانيا في لندن امس وبدأوا بدرس الخطوات التالية ضد ايران عملوا على بلورة خطة عمل منسقة تشارك فيها روسيا ايضاً، لكن في مقابل تحويل الموضوع الايراني على مجلس الامن، اي الموافقة على فرض عقوبات على ايران، تطالب روسيا بالمحافظة على مصالحها وانقاذ مفاعل بوشهر واتفاق الصواريخ من فأس العقوبات.

تشير هذه الشروط الى الصعوبة الكبيرة التي تواجهها الولايات المتحدة والدول الاوروبية في حملتها لردع ايران. ويبدو ان هذه الشروط التي لا تقتصر على روسيا هي التي يستند اليها اليوم الرئيس الايراني احمدي نجاد لمواصلة سياسته السير على حافة الهاوية في مواجهة الغرب. يبدو ان مجموعة الدول المرتبطة بالنفط الايراني وبمشاريع في ايران هي التي تمنح احمدي نجاد الثقة للسير على هذا الحبل الدقيق. فعلى سبيل المثال اعلنت الصين نهاية الاسبوع انها ترغب في التوصل الى حل للازمة مع ايران ولكن في الأطر العامة لوكالة الطاقة النووية اي انها لا تقبل بعقوبات مجلس الامن، وهناك اسباب عدة تدفع الصين الى عدم الموافقة على فرض عقوبات على ايران، فقد وقعت معها على اتفاقات تعاون لاستخراج النفط وهي احدى اكبر الدول المستهلكة له. ومن هذه الخلفية يمكننا ان نفهم السبب الذي يجعل احمدي نجاد قادراً على السير حتى النهاية ما دامت اسعار النفط ترتفع في العالم كلما اشتدت الازمة مع ايران. وبما ان وضع الولايات المتحدة في الشرق الاوسط ليس مستقراً في اعقاب حرب العراق، يستنتج المراقب انها لن تخاطر بحرب جديدة ضد ايران...".