نضال الخضري

هل يمكن ان يتعبني صوت مكبرات الصوت على مدة أكثر من أربعين عاما؟ ربما لا نستطيع تذكر تفاصيل المناهج الدراسية بنفس قدرتنا على تذكر خطباء يوم الجمعة في أحاديثهم عن المرأة ... فلمدة شهر أو يزيد يستطيع التراثيون تفسير أحكام المرأة "الناشز" .. بينما أتساءل ماذا لو "نشز" الرجل ... ماذا لو كانت الحضارة تستند إلى المرأة، وهو بالفعل تقوم عليها بالمعنى العام من الخصب إلى الجمال .. ومن القدرة على الحب إلى منح الإبداع ..

من أين تأتي الكلمات المتراصة والوعيد .. والنصائح؟ فهل تعلق مصير الوطن على "الطاعة" وعلى مفهوم "الرعية"، وربما أكثر من ذلك لكن مساحات الكلمات على المنابر لا تتيح البوح بأكثر من حدود الشريعة، ولا يحتمل الحضور عمليات المكاشفة حول المرأة والحرية والجنس ... ربما يستطيع التراثيون تدبيج الكتب حول أحكام المرأة، لكن الثقافة التراثية تضعنا دائما اما مسألة الجواري والقيان أكثر من مواقع "الخنساء" أو "شجرة الدر" .. رغم ان الأخيرة كانت جارية ...

ربما لا يملك تراثنا المكتوب "جان دارك" لكن مجتمعاتنا كانت مليئة ببطولات صامتة حاول الذكور تجاهلها على امتداد الأيام، وربما لم يسمح التاريخ بظهور قاضية أو خليفة (أنثى) للمسلمين، لكن حيوية المجتمع لا يمكن أن تكون بدون الإبداع الذي تولده الإناث ويبقى منسيا خارج هوامش المخطوطات الصفراء....

ليس دفاعا عن المرأة لأن المسألة هي المجتمع والمستقبل والغد ... الرجل "ناشز" ... والمرأة لا يمكن ان تبقى عند حدود التراثيين ... وتفاصيل الأحكام أصبحت نوعا من الخدر لمن يحلمون بعودة زمن القيان والجواري....

أحلام الذكور والإناث تبقى ... لكن المسألة اليوم هي إعادة النظر إلى هذا المجتمع الذي يقتسم نفسه عبر الخطباء والناصحين، ومن خلال اجترار حالات الوعيد التي ترتسم لونا من الخوف على وجوه ضحايا التراث .... فلنطلب من مكبرات الصوت أن ترحم آذاننا وعقولنا ومستقبلنا .....