خطوة ايجابية صدرت عن القيادة السورية بإطلاق سراح زعماء «ربيع دمشق». وهي خطوة لصالح الحكم ولصالح الناس ولصالح الاستقرار، وهي خطوة لا بد أن تكتمل بإطلاق سراح بقية سجناء الرأي.

الدكتور عارف دليلة، الاقتصادي المعروف ما زال في السجن، والعذر انه لم يستكمل ربع المدة، وهي مسألة إجرائية ولا قيمة لها، المهم أن تخرج هذه الشخصية العربية المعروفة من السجن وخاصة انه رجل لم يرتكب جريمة، ولم تتلوث يده بدم بريء، وتتلمذ على يديه كثير من العرب في أكثر من جامعة، وكاتب هذه السطور هو أحدهم، حيث عمل في جامعة الكويت لسنوات عديدة، وكان مثالا للخلق والالتزام، وهو عاشق لوطنه وأهله، وحتى عندما ينتقد فإنه ينتقد بكثير من الحذر وهدوء الرأي.

المعتقلون الإسلاميون أيضا من غير المتورطين بالعنف أو القتل أو الإرهاب لا بد من إطلاق سراحهم، فالاجتهادات السياسية، والخلافات الآيديولوجية موجودة في كل بلد بل هي صفة ملازمة للبشر الذين يختلفون في رؤيتهم للحياة، وينظرون من زوايا مختلفة للظواهر السياسية والاجتماعية، وبالتأكيد فالتيارات الإسلامية هي أحد هذه الاجتهادات ولا بد أن تعامل مثل غيرها، باستثناء الإرهابيين والقتلة.

مسألة معتقلي الرأي في الدول العربية لا بد أن تطرح بعقلية جديدة، فالاعتقال بسبب الخلاف السياسي هو أمر يضر بالاستقرار الوطني، ووجود اجتهادات تختلف مع الطرح الرسمي السائد هو ضرورة حضارية لنمو المجتمعات، ولدينا تجارب رائدة في مسألة التسامح السياسي في دول مجلس التعاون وفي المغرب والأردن وغيرها من الدول العربية حيث لا ينظر إلى صاحب الرأي الآخر باعتباره عدوا، كما أن الدولة لا تدخل طرفا لتصفية حسابات مع الأفراد الذين تختلف معهم، ولا تقطع أرزاقهم، أو ترمي بهم في السجون. هناك تصريح شهير لأمير الكويت الراحل عندما كان رئيسا للوزراء قال فيه «لو أننا نصدق كل تقرير أمني لأدخلنا نصف الناس السجون» وهي حقيقة، فهناك أجهزة أمنية عربية تضر بحكوماتها أكثر مما تخدمها، وهناك ضيق بالرأي الآخر لا بد من معالجته. والمهم أن الخطوة السورية ممتازة ولكنها ناقصة ولا بد أن تكتمل.