زيارة احمدي نجاد الى دمشق ليست الاولى لرئيس ايراني يزور سوريا ولكنها الاولى التي لا تقاس بمقاييس سابقاتها فالظروف مختلفة والاهداف المتوقعة منها بالنسبة الى الجانبين اكبر من الاهداف السابقة وبالتالي فإن المقاييس مختلفة رغم ان العلاقات التحالفية بين سوريا وإيران مضى عليها حتى الآن خمسة وعشرون عاما.

عام 1979 اختار الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد ان يقف الى جانب الجمهورية الاسلامية الوليدة بعد الثورة واسقاط الشاه محمد رضا بهلوي فنهج بذلك نهج بناء محور استراتيجي سوري- ايراني وان لم يعلن عن ذلك بالتسمية والأوصاف وتمكن هذا المحور من الاستمرار في تأدية ادوار اقليمية متعددة ولاسيما في الفترة الفاصلة بين 1980 و 1990 سنة سقوط الاتحاد السوفياتي اما في السنوات بين 1990 و 2005 فقد حصلت تبدلات عالمية كبيرة وخطيرة جعلت المحور الايراني- السوري امام معادلات جديدة لم تحتمل احيانا كثيرة المناورة والمراوحة في التكتيكات واصبحت الخيارات اشد صعوبة فإما الاستمرار في تعميق التحالف وإما فك هذا التحالف وفقا لما يريده الغرب ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية.

يبدو من نافل القول‚ ان الخيار الاول هو الخيار السوري - الايراني المشترك رداً على المحاولات الاميركية- الاوروبية لفك هذا التحالف سواء بالضغط او بالحصار الدبلوماسي او باستخدام القوة العسكرية التي ازداد التلويح الاميركي بها بعد سقوط الاتحاد السوفياتي‚ وهذا يعني بوضوح ان سياسة الضغط التي تمارسها واشنطن تنتج سياسة الرد والمواجهة مما يؤدي الى دفع المنطقة مجدداً نحو مزيد من التوتر والتجاذب في ساحاتٍ اقليمية مختلفة.

واذا كان الملف النووي يشكل عنوانا غربيا ضد ايران والملف اللبناني ومعه الملف الفلسطيني والعراقي عناوين غربية ضد سوريا فإن ما يقف خلفهما اهمُّ من ذلك وهو يتمثل باصرار الولايات المتحدة على اعادة صياغة الشرق الاوسط ولو بالقوة ومن هنا فإن ما جرى الحديث عنه من نيّة دمشق وطهران توقيع معاهدة دفاع مشترك يندرج فعليا في سباق رفع التحالف الى مستوى اكثر تنظيما واكثر تأثيرا وتعقيدا‚ فالبلدان مهددان باحتمال استخدام القوة ضدهما وتعميق التحالف بينهما بهذه الطريقة يشكل اعلانا بأن سوريا وايران ترفضان فك العلاقة بينهما وتفرضان على من يتفاوض معهما موقفا واحدا ومنسقا.

وبانتظار ان يعلن عن هذا الاتفاق فإنه في حال حصوله سيشكل مفصلا مهما في المنطقة لا يقل عن اهمية تأييد الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد للجمهورية الاسلامية قبل ربع قرن.