العقيدة النووية الفرنسية تتغير والتحدي النووي الإيراني يتواصل

المصاعب الاقتصادية الفرنسية على رأس سنة جديدة، وتغيير الرئيس شيراك لعقيدة فرنسا النووية، ولمسات دبلوماسية أنجيلا ميركل الناعمة، لكن الحاسمة، وأسباب اندفاعة الرئيس أحمدي نجاد، موضوعات أربعة نضعها تحت دائرة الضوء في جولة سريعة في الصحافة الفرنسية•

حالة صعبة: ’’استهلاك يتضاءل، وتجارة خارجية تتآكل: الاقتصاد الفرنسي ما زال يبعث بإشارات مثيرة للقلق حقا’’• بنبرة التشاؤم هذه بدأت صحيفة لوموند افتتاحيتها ليوم الجمعة (أول من أمس) مشيرة إلى أن أكثر التوقعات تشير إلى احتمال تحقيق نمو يراوح حول 2% للسنة الحالية في تحسين طفيف للأداء مقارنة مع 1,6 عن سابقتها• والسؤال هو: ما الذي بيد حكومة دوفيلبان عمله لتحسين الأوضاع الاقتصادية؟ وإذا كانت الإجابة غير معروفة مسبقاً فنتيجة الوضع الحالي معروفة، بطبيعة الحال، وملموسة من خلال آثارها• فالقدرة الشرائية للفرنسيين انخفضت بنسبة 1% في ديسمبر، بعد أن شهدت ارتفاعا بنسبة 0,7% في نوفمبر، حسب بيانات وأرقام مركز ’’إينسي’’• كما أن حجم المبيعات في أعياد الميلاد ورأس السنة كانت دون المأمول• وحقق معدل نمو الاستهلاك في السنة المنقضية رقما متواضعا هو 1,4%• وتذهب لوموند لحشد الأدلة على تردي أداء الاقتصاد الفرنسي لتعقد مقارنة مع اقتصاد ألمانيا، وهي أكبر شريك تجاري لفرنسا، لتؤكد بأن الألمان يبلون بلاء حسنا، وأن مشكلة اقتصاد فرنسا بنيوية ومزمنة، وبالتالي فسيكون صعبا على دوفيلبان تلافي تداعيات الوضع الحالي من هنا وحتى انتخابات •2007

تغيير في العقيدة النووية: صحيفة لوفيغارو خصصت افتتاحية ومقالا أول من أمس لخطاب الرئيس شيراك يوم الخميس الماضي في القاعدة البحرية النووية الفرنسية بـ’’إيل- لونج’’ قرب بريست والذي أحدث فيه تحولا مثيرا للاهتمام في العقيدة النووية الفرنسية بتلويحه بإمكانية لجوء بلاده إلى وسائل غير تقليدية في حالات لم تكن ضمن مهددات ’’المصالح الحيوية’’ الثلاث المعروفة في العقيدة النووية الفرنسية التي وضع دعائمها الرئيس ديغول سنة •1964 فقد تحدث الرئيس شيراك عن ’’اعتداء أو تهديد أو ابتزاز: إرهاب’’ و’’تهديد حلفاء فرنسا’’ و’’تهديد مصادر الإمدادات الاستراتيجية’’• ومعروف أن ’’المصالح الحيوية’’ تطلق عادة في العرف السياسي الفرنسي على ’’وحدة البلاد الترابية، وحماية السكان، وحرية ممارسة السيادة’’، وبإضافة شيراك لهذه العناصر الجديدة الثلاثة يكون قد أعلن عن إمكانية لجوء فرنسا إلى خيار نووي من مستوى ما في حالة مجابهة أي من هذه العناصر•

نبرة ميركل: التحركات الدبلوماسية النشطة التي تقوم بها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت موضوع افتتاحية في صحيفة لوموند جاءت بهذا العنوان، واعتبرت فيها أن السيدة ميركل أثبتت أنها لا تنقصها الشجاعة حين أثارت في زيارتها لموسكو قبل أيام موضوع الشيشان بحضور الرئيس فلاديمير بوتين• كما أثارت موضوع جوانتانامو في زيارتها لواشنطن أمام الرئيس بوش، وتحدثت بعبارات واضحة عن موضوع نقل السي آي أيه للسجناء السريين في أوروبا بحضور كوندوليزا رايس• ومع أن ألمانيا تعاني من تبعية اقتصادية للنفط والغاز الروسيين، فإن ميركل لم تغير من نبرتها في الكريملن، كما لم تمنعها تركة المصاعب الألمانية في واشنطن التي تركها لها سلفها شرودر من أن تكون صاحبة كلمة ومبدأ أمام الحليف الأميركي• وفيما يخص فرنسا أعلنت صراحة أنها ضد قرار الساسة الفرنسيين رفع الحظر عن بيع الأسلحة للصين المفروض منذ قمع انتفاضة ’’تيان آمين’’، مؤكدة بذلك أنها صاحبة مواقف مبدئية• وتنهي لوموند افتتاحيتها معتبرة أن ما يميز ’’النبرة’’ السياسية الجديدة التي تسعى ميركل لإشاعتها هو التمسك بالقيم، على عكس من يخذلون كل يوم متطلبات الدفاع عن القيم الديمقراطية، باسم ’’الواقعية السياسية’’• ومع أن استمرار محور باريس- برلين- موسكو الذي أدت إلى اصطفافه حرب العراق 2003 بات محل شك فإن هنالك نتيجة مهمة يمكن استخلاصها واستلهامها فرنسياً على الأقل من هذا النفس السياسي الألماني الجديد، وهي إمكانية العمل الدبلوماسي بنشاط مع التمسك بالقيم المبدئية والمنطلقات السياسية الثابتة•
تحدي أحمدي نجاد: مجلة لونوفل أوبسرفاتور، نشرت مقالا تحت عنوان ’’إيران: مقامرة أحمدي نجاد’’، مثيرة أسباب الشكوك القوية التي تجتاح المجتمع الدولي حول برنامج إيران النووي، مؤكدة في الوقت نفسه أن ما يحسب عليه الإيرانيون في موقفهم المتشدد هو إمكانية الاستفادة من نقاط ضعف المجتمع الدولي والولايات المتحدة تحديدا• فإيران هي رابع منتج عالمي للنفط ولو أوقفت إنتاجها ستجتاح العالم أزمة أسعار نفطية جدية، يكون لها بالغ الأثر على نمو الاقتصاد العالمي، وقد يتجاوز سعر برميل النفط 100 دولار• وفي حال توجيه ضربة جوية لإيران تستطيع التعويل على مساعدة حلفائها من المجموعة الشيعية الكبيرة في العراق• وترى المجلة أن الحل الروسي بتخصيب اليورانيوم على الأراضي الروسية قد يكون طوق نجاة مناسبا لكل الأطراف• أما في مجلة لوبوان فقد تناول الموضوع نفسه كلود أمبرت متحدثاً عن أربعة أسباب يرى أنها هي ما يدفع الرئيس أحمدي نجاد في الاتجاه الذي يسير فيه، أولها أن ثمة قطاعات واسعة من المسلمين يدغدغ مشاعرها حديثه عن إمكانية محو إسرائيل من الخريطة• وثانياً، أنه عرف كيف يستثير الحماس الوطني في إيران، حيث إن هنالك كثيرين من معارضي الملالي ونظامهم ولكنهم لا يمانعون في حصول إيران على أسلحة نووية• وثالثاً أن إيران لديها 9% من الإنتاج العالمي من النفط، ومع ارتفاع أسعاره الآن يستطيع الملالي ضخ كميات كبيرة من النقود في الاقتصاد ما سيساعدهم على اكتساب دعم داخلي• أما الرابع فهو حالة الاحتقان والفوضى الإقليمية العارمة من التورط الأميركي في العراق، إلى استمرار الصراع في فلسطين، وأخيرا جاء التجاذب اللبناني السوري• وفي مثل هذه الأجواء، يبدو أن نجاد -يقول الكاتب- قرر السير قدما في تحديه بخطوات وئيدة ودون حاجة إلى أقنعة• أما في صحيفة لوفيغارو فقد عنون الكاتب ألكسندر أدلر مقاله الأسبوعي ’’أحمدي نجاد•• سيناريو سقوط معلن’’، وقد رجح فيه أن يتمكن رفسنجاني وبعض ليبراليي اتجاه خاتمي من تحجيم اندفاعة نجاد وترويض الاتجاه المتشدد بصفة عامة•