نجيب نصير

لقد اخبرني ادونيس بعزمه على تسمية ديوانه ( أغاني سريان.. )فوجدت ذلك مرفوضا، وتتابع الناقدة سلمى الجيوسي ( دبي الثقافية العدد8 ) ونحن امة طيبة القلب لذلك يمر علينا أمر كهذا ؟؟؟!!!

تحكي الأستاذة الجيوسي عن مشروعها الضخم ( بروتا ) الذي يحاول تغيير نظرة الغرب لنا تحكي بحسرة وغضب عن معيقات له صادرة إما عن الصهاينة أو عن الجهل العربي بقيمة ما تقوم به، وهو المشروع الذي انبثق من لحظة شعورية تتضمن الرد على احد طلابها الاميركان الذي تلفظ بكلمة مهينة بحقنا، فتنكبت على عاتقها مشروع للرد وتغيير النظرة فينا نحن الشعوب العربية، فأصدرت كتابا شاملا حول ( حول الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس ) و ( المدينة في العالم الإسلامي ) ومن ثم ( حضارة العرب في صقلية ) وهناك الكثير من المشاريع التي تدور حول حياة وحضارة العرب والمسلمين في العصور الوسطى !!!! طيب وأوكي وماذا بعد … ؟

اعتقد أن هذي العناوين تقودنا إلى لا فهم الآخر الغربي لنا ومرة أخرى، ليس لأن العصور الوسطى لا تعني الكثير بالنسبة إلى المواطن الاميركي لأن أمريكا لم تكن قد وجدت آنئذ، ولكن لأن هكذا عناوين هي خارج التفكير الغربي خصوصا في انتسابها الديني من جهة، وإجحافها الانتروبولوجي من جهة ثانية، فما يسمى حضارة العرب في الأندلس أو صقلية أو في أي مكان في العالم هو إغفال انتروبولوجي للشعوب التي تسكن تلك المناطق وكأن هاتيك الشعوب بلا حضارة تذكر، وهو أمر يكرر كل الظلم الذي نشكو منه، ربما كان مفهوم اكثر من قبل الغربي أن نقول الحضارة العربية الأسبانية والتي شارك فيها العرب والأسبان والامازيغ والأفارقة، ولكن جعل الحضور العربي بعد ( فتح ) الأندلس كقطع مع تاريخ أسبانيا فهو قول جائر ويسيء إلينا أكثر مما لو كنا أخترعنا الحضارة نفسها، هذا من جهة إما من جهة ثانية فالإنسان الغربي لكي يفهم علينا يحتاج إلى توصيف منطقي حداثي ( والحداثة ليست اختصاص )، فكيف يستطيع الاميركي أو الفرنسي أو الصيني تفهم عالم إسلامي إلا في مقابل علم مسيحي أو عالم بوذي، وهو المربى على التفكير بالعالم القومي وما بعده من تيارات الفكر الاجتماعي، كيف سيستوعب أن الماليزي والمغربي هما واحد حضاريا مع انه يعرف ونحن والدكتورة الجيوسي نعرف انهما ليسا واحدا حضاريا أو انتروبولوجيا على الأقل، وبذلك نعود إلى نقطة بعيدة بعيدة جدا هو أن نثبت لهؤلاء إننا بشر كرمى لجلال التاريخ في صقلية واندلثيا، ليصبح تاريخنا هو تاريخ عصور وسطى فما قبله جاهلية وما بعده حداثة ونحن مصرون على الغربي أن يفهم العصور الوسطى كي ينطلق ويفهمنا نحن أبناء القرن الواحد … والعشرون، لذلك من غير المسموح أو من المرفوض أن يسمي ادونيس ديوانه ( أغاني سريان الدمشقي ) لأن التاريخ قبل العصور قبل العصور الوسطى هو تاريخ مرفوض وكذلك الأسماء وربما الطبخ والكونسروة ومن يصدق عكس ذلك يكون من الساذجين.

مع كل ما تمثل الدكتورة الجيوسي من مثل حداثية إلا انه عندما يأتي الجد …. فالتراثية هي مهدنا الذي لن نخرج منه إلى أي من أنواع سن الرشد.