معاريف

بن كسبيت
يوم الاربعاء، الرابع من كانون الثاني، كان يوم العمل الأخير لاريئيل شارون كرئيس للحكومة، حيث أجرى خلاله سلسلة لقاءات أكثرها أهمية كان مع عتنيئيل شنلر، وهو كان آخر لقاء له قبل خروجه من الديوان ومن ثم نقله الى المستشفى.
شنلر 54 عاماً رئيس مجلس مستوطنات الضفة والقطاع سابقاً "يشع"، هو قصة بحد ذاته.
عميد في الاحتياط ومن البُناة الرئيسيين للاستيطان في الضفة الغربية، وكان أفضل مرشح لمنصب رئيس مديرية فك الارتباط، وقُدم كأحد آخر "الذخر" الجذاب في قائمة كاديما للكنيست. وهو يملك خطة وخارطة. ومع أن شارون يحب الخطط، الا انه مدمن تماماً على الخرائط. خارطة شنلر أثارت اهتمامه جداً لدرجة انه طلب منه تركها عنده. خطة شنلر تسمى "اعادة تصميم حدود الاستيطان في منظور التسوية المستقبلية". ونحن هنا نكشف عن أجزاء منها. هذه الخطة، إلى جانب مشاريع أخرى، ستفصل لاحقاً، تتيح لنا تسليط الضوء على ما خطط له شارون لولايته القادمة. الولاية التي لن تكون.
قسّم شنلر المستوطنات في مناطق الضفة إلى أربع فئات: المستوطنات البعيدة والمعزولة، المستوطنات الموجودة داخل الجدار، المستوطنات "القريبة من الجدار"، والأماكن المقدسة (الخليل والقدس). الخارطة مغطاة بنقاط ذات علامات ملائمة. شنلر يعتقد أن الفئة الأولى ضائعة سلفاً ولا مفر من التنازل عنها. وبالنسبة للمستوطنات الواقعة داخل الجدار فهي مزدهرة وحيوية وتتطور كالمعتاد. والأماكن المقدسة تحتاج بدورها إلى "نظام خاص"، أما تلك "القريبة من الجدار" فتتطلب حلولاً خلاقة: بعضها يُنقل إلى داخل الجدار، أما الآخر فيتم ربطه باسرائيل بطريقة ما مع تجميد الوضع القائم فيها.
خطة شنلر تشمل كل شيء: بنى تحتية، معابر، عقارات، وتطرق للعرب في اسرائيل.هي ليست محددة ضمن جدول زمني، ولكنها مقسمة إلى مراحل واضحة. الأهم من كل ذلك: يفترض بهذه الخطة أن تطبق بالاتفاق مع المستوطنين وليس ضدهم.
تقاسم القدس
شنلر يجري الان محادثات مكثفة مع قادة مجلس مستوطنات الضفة والقطاع "يشع" ومع الحاخامات، ويبلور مجموعة مختارة لقيادة هذه الخطوة ودفعها إلى الأمام. القيادة الحالية في مجلس "يشع" أمام مفترق طرق، وبامكانها أن تبقى غير ذات صلة أو أن تصحو وتحاول أخذ ما يمكنها أخذه وانقاذ ما يمكن انقاذه والحفاظ على ما هو قائم. "اذا اختاروا السير في الطريق السابق فستظهر قيادة بديلة، وأنا سأعمل بكل الوسائل لذلك، أما اذا اختاروا الطريق الجديد والمنطق فسأفعل ما في وسعي لتعزيز هذه القيادة".
المسألة تتعلق في الواقع بفك ارتباط جديد. فك ارتباط منسق مع المستوطنين ويتم بصورة مخططة وتدريجية مشتركة. خطة شنلر تشمل اقامة مستوطنات بديلة في اعادة انتشار جديدة، والأهم من كل ذلك: فسح المجال أمام تواصل اقليمي فلسطيني واضح ومنطقي بحيث يسمح باقامة دولة فلسطينية مع بنى تحتية ملائمة. شنلر يقول إن اقامة دولة فلسطينية يشكل مصلحة واضحة لليمين الاسرائيلي لأنه من السهل أكثر مواجهة دولة سيادية بالمقارنة مع التعامل مع عصابات إرهابية ذات مستوى دولي.
ماذا بالنسبة للقدس؟ يقول شنلر إنه "لن نُقسم القدس بل سنتقاسمها". ماذا يعني ذلك؟ هو لا يُدلي بتفاصيل حول ذلك، ولكنه من أشد المعارضين لتقسيم القدس وفقاً لأسلوب الحل الذي نشره مركز القدس هذا ا لاسبوع. "ماذا حدث حتى نُدول القدس؟ هذه مسألة لن تمر. هذه ليست مفاوضات عقارية أو حول الأراضي. القدس هي شيء آخر. هي مركز حضاري وروحي لشعب اسرائيل، ولذلك ليس من الممكن تدويلها" . شنلر يقول إن لديه حلولاً خلاقة أخرى، ولكنه لا يرغب في الحديث عنها في هذه المرحلة المبكرة.
"نحن جاهزون للعرض"
خطة شنلر التي عُرضت على شارون هي جزء من الصورة فقط. شارون تبنى الخطة حسب شنلر ووافق عليها، وهذا يتفق مع ما كشفت "معاريف" النقاب عنه قبل اسابيع حول الانفجار المستقبلي التي يخطط شارون لاحداثه بُعيد خارطة الطريق. الآن يتضح ان شارون قد فعل شيئاً في هذا المجال ولم يكتف بالتخطيط وحده. فقبل اشهر شكل عيبال جلعادي، من مخططي فك الارتباط، طاقم عمل بتوجيه وعلم شارون. هدف الطاقم: اعداد كل الخيارات والخطط للوضع المستقبلي المتوقع عندما يتضح أن خارطة الطريق غير قابلة للتنفيذ وأنه لا توجد أي فرصة لبدء الفلسطينيين في مكافحة الارهاب.
يعمل جلعادي بشكل حثيث ومتواصل مع طاقمه (ستة مختصين) في الأشهر الأخيرة. وقبل أيام من النزيف الذي أصيب به شارون، تحدث جلعادي معه وقال له إن طاقمه جاهز لعرض العمل الذي أعده. الخطة قائمة وخطوطها العريضة تتلاءم مع خطة شنلر.
بالنسبة لجلعادي هناك تركيز على الجانب الدولي وخاصة الأميركي منه، وحاجة الى التوصل الي اتفاق مع واشنطن واعتبارها شريكاً مستقبلياً لاسرائيل في حالة ظهور الشريك الفلسطيني. كما يوجد اختلاف في الموقف من غور الاردن. خطة جلعادي تحتفظ بشريط أمني ضيق على طول الغور على الأقل للفترة الانتقالية، ومستقبل الاستيطان في الغور ليس واضحاً. هناك أمور كثيرة غير واضحة في هذه الخطط، ولكن هناك أمر واحد واضح فيها: اذا تبين عدم وجود شريك فعلاً، فاسرائيل بقيادة شارون ـ وأولمرت ايضاً ـ ستتوجه نحو خطوة كبيرة لترسيم الواقع والحدود. شنلر يريد أن يكون ذلك بالاتفاق مع المستوطنين، أما جلعادي واولمرت فيريدان أن يتم بالاتفاق مع الولايات المتحدة.