تمحورت غالبية التعليقات الاسرائيلية أمس على موضوع الانتخابات الفلسطينية المفترض أن تجري الأربعاء المقبل في ضوء التقديرات التي ترجح فوز حركة "حماس" بعدد كبير من المقاعد للمجلس التشريعي الفلسطيني. وكان واضحاً امس تخوف الصحافة الاسرائيلية من هذا الفوز وانعكاساته على توازن القوى بينها وبين حركة "فتح" وتأثير ذلك في المفاوضات السياسية مع اسرائيل.

على صعيد آخر علّق البروفسور أيال زيسار المتخصص في الشؤون السورية على خطاب الرئيس السوري بشار الاسد الاخير، فكتب في "معاريف" تحت عنوان: "رهان بشار" مقالاً جاء فيه: "في ظل تورط بشار الاسد في جريمة اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري كان المتوقع ان يحاول التوصل الى تفاهم مع الادارة الاميركية لانقاذ نفسه ونظامه. ففي نهاية الأمر كان في استطاعة الرئيس السوري في الماضي كما في استطاعته اليوم كسب ود الاميركيين من طريق التعاون معهم في الموضوع العراقي، وهو ثمن زهيد نسبيا.

ولكن بشار يواصل التحرك بالطريقة التي تسببت له بمصيبة تلو الاخرى. وفي خطابه أمام اتحاد المحامين العرب في دمشق وعلى وقع صيحات الجمهور اعلن انه لن يتعاون مع لجنة التحقيق الدولية في حال كان ذلك سيلحق الأذى بالسيادة السورية. وفوق ذلك كرر بشار اتهاماته السابقة الى اسرائيل بأنها المسؤولة عن قتل عرفات، رغم انه امتنع عن تكرار اتهاماته بأنها تقف وراء اغتيال رفيق الحريري.

في استطاعتنا ان نستدل على اسلوب بشار بالنظر الى الواقع الاقليمي والدولي من خلال قوله ان التحدي الذي يواجهه هو مؤامرة اميركية – صهيونية هدفها اعادة تحديد الحدود في المنطقة وهوية سكانها. يقول الاسد: العرب كلهم في خطر. وليس هو وحده والنظام الذي يتزعمه. يبدو ان بشار قرر التنازل عن امكان التوصل الى تسوية مع الولايات المتحدة. ربما يعتقد ان في امكانه ان يصمد مثلما صمد والده في السبعينات والثمانينات الصعبة من القرن الماضي بفضل السياسة المتصلبة التي انتهجها وعدم استعداده للتسويات والتنازلات. في نهاية الأمر يعتمد بشار على تأييد الجمهور العربي الذي لا يؤيد الولايات المتحدة وسياساتها في المنطقة.

يراهن بشار على الوقت، على أمل ان ينهي بوش ولايته، باعتبار انه في رأي بشار هو الذي يدير المؤامرة ضد سوريا ونظام البعث. وهكذا تنتهي اسوأ ثماني سنوات عرفتها سوريا في عهد هذا الرئيس.

من المحتمل ان يكون رهان الرئيس السوري رابحاً. اذ من الصعب توقع الى أي حد سيكون الأميركيون مصرين على الوقوف ضد سوريا. ولكن من المحتمل ايضا ان يخسر هذا الرهان وبذلك يرتفع الثمن الذي سيتوجب عليه ان يدفعه.

ومهما آلت اليه الحال، فان احتمال ان يصمد بشار الاسد رغم اخطائه وهفواته حتى نهاية عام 2006 في رئاسة سوريا، هو المسألة المطروحة اليوم في جدول الاعمال السوري الداخلي والاقليمي والدولي".