في خطابه عن حالة الاتحاد سيؤكد الرئيس بوش، وسط اجواء حماس، على ان لديه استراتيجية نصر في العراق.

أنا لا أثق به. والحقيقة انني اعتقد ان أدارته وبعد ثلاث سنوات من النزاع ترفض الاعتراف بالهزيمة ولكنها تخلت حتى عن محاولة تحقيق النصر. ولتوضيح موقفي دعوني أروي لكم بعض القصص عن الكهرباء.

النقص في الطاقة الكهربائية يعتبر مسألة حاسمة بالنسبة للعراقيين العاديين، ولمصداقية حكومتهم.

وكما قال محسن شلاش، وزير الكهرباء، الأسبوع الماضي، فانه «عندما يخسر البلد الكهرباء فانه يواجه الدمار، حيث لا شيء يعمل، وتتدهور كل الصناعات ويتزايد النشاط الارهابي».

ويمتلك شلاش مبررا للحديث بصوت عال.

ففي عراق اليوم فان حالات التعتيم هي القاعدة بدلا من الاستثناء.

ووفقا لوكالة الأنباء الفرنسية فان بغداد والكثير من المناطق الوسطى، أي المناطق التي ينشط فيها التمرد ويشكل خطرا، تحصل في الوقت الحالي ما يتراوح بين ساعتين الى ست ساعات من الطاقة يوميا.

فلماذا الطاقة شحيحة الآن أكثر من ذي قبل وبعد ما يقرب من ثلاث سنوات على سقوط صدام حسين ؟ يعتبر التخريب الذي يقوم به المتمردون عاملا واحدا.

ولكن كما اظهر تحليل نقص الكهرباء في العراق في «لوس انجليس تايمز» الشهر الماضي فإن التعتيم هو ايضا نتيجة بعض الاجراءات غير المعقولة من جانب المسؤولين الاميركيين.

ويلاحظ انه خلال الفترة التي كان العراق خاضعا خلالها لإدارة المسؤولين الاميركيين، قرروا ان يركزوا خطتهم الخاصة بالكهرباء على الغاز الطبيعي، بغرض دفع انتاج الطاقة، وكلفت بالفعل شركات اميركية بتركيب مولدات تعمل بالغاز في مختلف محطات توليد الطاقة الكهربائية. وكما اوضحت «لوس انجليس» كانت هناك حاجة الى خطوط أنابيب لنقل الغاز للمولدات الجديدة، إلا أن هذه الخطوط لم تشيد لأن وزارة الطاقة العراقية ركزت اهتمامها بدلا عن ذلك على دفع انتاج النفط .

وفي نفس الوقت، قرر المسؤولون الاميركيون عدم رفع اسعار الكهرباء والطاقة التي ظلت تحت ظل نظام صدام حسين منخفضة بصورة مضللة خوفا من إثارة أي اضطرابات.

وكخطوة اولى باتجاه حلمهم بتحويل العراق الى يوتوبيا سوق حرة، ألغى المسؤولون التعرفات والقيود الاخرى المفروضة على شراء البضائع الاستهلاكية المستوردة.

النتيجة كانت ان العراقيين الأثرياء والمنتمين للطبقة الوسطى سارعوا الى شراء الثلاجات وأجهزة التسخين المستوردة بالإضافة الى أجهزة اخرى تعمل بالطاقة الكهربائية، ما اسفر عن ارتفاع الطلب على الكهرباء، إلا انه لم تكن هناك الإمكانيات اللازمة لتلبية هذا الطلب، وأدى هذا الوضع الى انقطاع التيار الكهربائي في الكثير من الأحيان.

وفي تقرير آخر لصحيفة «لوس أنجليس» حول إعادة الإعمار في العراق فقرات مثيرة للاستغراب من مسؤولين اميركيين يحاضرون الآن العراقيين كي يعتمدوا على أنفسهم. وقال مستشار اقتصادي في السفارة الاميركية بالعراق : «العالم هو مكان للتنافس. بدون المعاناة ليس هناك أي كسب». وقال مسؤول آخر :«نحن لم نسع أبدا إلى إعادة بناء العراق». لذلك فنحن جئنا وشاهدنا وهزمنا وخربنا ما كان قائما من بنى قاعدية خاصة بكم ونحن الآن نخرج.

ويبدو أن شلاش كان قد تخلى عن توقع أي مساعدة إضافية من الاميركيين. وقال «التبرعات الاميركية أوشكت على النفاد» مع ذلك فهو يؤكد ما هو واضح: يعود الفشل جزئيا في إعادة الإعمار إلى الفشل في إعادة إعمار القطاع النفطي ، وهذا ما يجعل الحكومة العراقية بدون عوائد مالية لإعادة بناء المحطات الكهربائية. وإذا توقفت عملية إعادة الإعمار، وهذا أمر لا يمكن تجنبه، فإن من الصعب تصور أي شيء سيكون في حالة سليمة هناك.

لذلك ماذا يعني حينما تترك إدارة بوش العراق وراءها متخلية عن مسؤوليتها تجاهه ؟ هذا يعني أن الإدارة الاميركية لا تمتلك أي خطة. إنها تعتمد فقط على الكسب السياسي قصير الأمد.