يدعيوت أحرونوت

عشية الانسحاب من غزة، كانت إسرائيل تسيطر على 1.5 مليون فلسطيني شكلوا ما نسبته 51 في المائة من مجمل السكان الفلسطينيين، ومع الانسحاب، رفعت اسرائيل عن كاهلها 1.4 مليون فلسطيني وتسببت بذلك بانخفاض نسبتهم في البلاد الواقعة تحت السلطة الاسرائيلية الى 40 في المائة. وبحسب اتجاهات التكاثر الطبيعي للسنوات الخمس عشرة القادمة، يتوقع في العام 2020 ان يعود السكان الفلسطينيون، بما في ذلك العرب في اسرائيل، ليشكلوا 50 في المائة من مجمل السكان في منطقة ارض اسرائيل. بينما ستشكل نسبة السكان اليهود ضمن ارض اسرائيل ـ من دون قطاع غزة ـ 50 في المائة فقط. في مثل هذا الوضع، لا يمكن قيام دولة يهودية وديموقراطية، وعليه، فان كل من يهمه العيش في دولة يهودية وديموقراطية ملزم بالتوصل الى خلاصة مفادها انه يجب على اسرائيل ان تتخلى بنفسها عن مناطق اضافية تتضمن كثافة سكانية فلسطينية.

مسار الجدار الفاصل اختير بشكل يترك على جانبه الشرقي مناطق ذات كثافة سكانية فلسطينية، ويتضمن على جانبه الغربي داخل اسرائيل التجمعات الاستيطانية الكبرى، مثل احياء القدس الشرقية، غوش عتسيون وأريئيل، حيث يسكن نحو 80 في المائة من مجموع المستوطنين اليهود في الضفة الغربية ـ يجري الحديث عن نحو 180 الف يهودي في شرقي القدس ونحو 170 الف يهودي في الكتل الاستيطانية. أما بالنسبة للمستوطنات اليهودية التي سيتم التنازل عنها وتركها على الجانب الشرقي للجدار الفاصل والتي يسكن فيها نحو 70 الف مستوطن (20 % من مجمل المستوطنين في الضفة الغربية) فسيضطرون الى المغادرة عاجلاً أم آجلاً. وإذا حصل هذا الامر، فيمكن لاسرائيل الوصول الى وضع يشكل فيه السكان الفلسطينيون داخل أراضيها نحو 20 في المائة من مجموع سكانها.

إذا تخلينا ايضا عن مناطق شرقي القدس التي يسكن فيها نحو 300 الف فلسطيني (مع ضم "الحوض المقدس" الى اسرائيل)، عندها سينخفض معدل الفلسطينيين في اسرائيل الى نحو 17 في المائة (14% مسلمون 3% مسيحيون ودروز). عندها يمكننا القول انه زال التهديد الديموغرافي عن الدولة اليهودية الديموقراطية ولكن بشرط الاهتمام بأن يؤدي الجدار الفاصل فعلا دوره بشكل جيد، ويمنع تسلل السكان الفلسطينيين الى داخل اسرائيل.

هل ان السياسيين، من كل القوس السياسي، يدركون الوضع الذي وصف اعلاه؟ الجواب القاطع على هذا السؤال هو نعم، يدركون ذلك، ويمكننا فحص مواقف السياسيين من اليسار الى اليمين. فأحزاب ميرتس ـ ياحد والعمل وضعت موضوع التنازل عن اراض على رأس برامجها. وحزب كاديما الذي اسسه شارون ـ أولمرت ـ ليفني وزملاؤهم تبنى هذا الموضوع كأساس لسياسته.

لكن ماذا بالنسبة لليكود الجديد برئاسة نتنياهو؟ فهو يعي أيضاً هذه المعطيات وأشار اليها بشكل علني بصفته رئيساً للحكومة ووزيراً للمالية. فخارطة فك الارتباط خاصته نشرت وسط الجمهور قبل عدة سنوات ويمكن رؤيتها في كتاب دان شيفتان "ضرورة الفصل"، الذي صدر سنة 1999. كما ان المفدال يعي بدوره هذه المعطيات ولذلك يبدو لي انه سينضم الى الائتلاف الذي يتحدث عن فك الارتباط. وبالنسبة لليمين المتطرف بألوانه المختلفة، وانطلاقا من تجربتي الشخصية يمكنني ان اشهد انهم هناك ايضا يعون الوضع الديموغرافي، الا انهم ومن خلال محاولاتهم عدم التنازل عن حلم ارض اسرائيل الكاملة يوجدون حلولاً وهمية مثل ترحيل الفلسطينيين الى سيناء أو الأردن، أو جلب ملايين احفاد الاسباط العشرة المفقودين الى اسرائيل.

اي ائتلاف يقوم برئاسة كاديما، مع العمل، الليكود والمفدال، سيسير عاجلاً أم آجلا نحو تنفيذ فك ارتباط بمرحلته الثانية. ومن الأجدر بمستوطني "ظهر الجبل" استيعاب الحقائق وان يوفروا وجع القلب على انفسهم وعلينا.