نزار صبــاغ

* غنية لغتنا العربية .. بمفرداتها وتعابيرها ، أوزانها وسجعها ، مرادفاتها ونقيضاتها ، وإبداعها وأصالتها ، ثم تأويلاتها ..... ذاك الإبداع والأصالة اللذان يشتهر بهما شعبنا السوري العربي ، الذي حفظ لغتنا العربية من "التتريك" ، والذي شرحها وبوبها في المعاجم والقواميس ، والمبدع الذي يستخدمها في علم التكلم والتوضيح ...

* السياسة فن ... فن الممكن ، فن الواقع ، فن تحقيق المصلحة ، وصولاً إلى فن المراوغة ...... والإبداع أيضاً فن ، وعلم ... يستخدمه الكثير من فناني السياسة ، والمدوِّخين ، و"المتشائلين" ، والظرفاء ، والخبثاء ، والبسطاء .. ومحترفي المراوغة والنفاق ..

ماذا عندما يترافق الفن السياسي مع الإبداع اللغوي ...؟

 عندما تضاف نسبة 60% على فواتير المياه كرسوم للصرف الصحي بإعلان لغوي صغير في الجرائد الرسمية ، مترافقة مع حملة إعلامية ضخمة بذات الجرائد لأسعار السيارات كما تراها "الجهات المسؤولة" ، فإنها فن وإبداع سياسي ... أصيل .
كما عندما يقول أحدهم أن الغرض والغاية هو الحد غير المباشر من الازدياد بالنسل ، بتقليل "الاغتسال" إلى حده الأدنى ..! فإنه أيضاً ، رغم بساطته وظرافته ، فنان مبدع سياسي .. خبيث أصيل .
 عندما تُخفَّض الرسوم الجمركية للسيارات بضجة إعلامية كبيرة ، وتُفرَض رسوم "بسيطة" على فواتير الهاتف بنوعيه وبإعلان لغوي صغير ، ورسوم وضرائب جديدة عديدة على السيارات ، فإنه فن وإبداع مالي سياسي .. أصيل .
 عندما يلغى تقديم المشروبات الروحية في الكثير من المطاعم والأماكن السياحية ضمن المدن المشهورة بصبغتها السياحية ، فإنه فن وإبداع سياحي تدويخي سياسي .. أصيل .
 عندما يُصدر بلاغ بمعاملة التجمعات الصناعية خارج الحدود الإدارية بمثابة مناطق صناعية ، ويُصدر بعده قرار بإحداث مدن صناعية في عدد من المدن الرئيسية ، فإنه فن وإبداع اقتصادي مالي استثماري تدويخي بيئي سياسي .. أصيل .
 عندما يُعلن من "مصادر موثوقة" وبتركيز إعلامي ، عن مصادرة سيارات فخمة عالمية منوعة من مرائب أحد المسؤولين المنشقين الفاسدين ، دون التطرق إلى أي من سيارات المسؤولين غير المنشقين ومصاريف الخدمة والتشغيل ، فإنه فن وإبداع سياسي .. أصيل .
 عندما يوضح أحدهم سبب انفجار أو حريق في أحد المستودعات الحكومية الضخمة بأنه ناجم عن "تماس كهربائي" ، فإنه فنان مبدع سياسي .. أصيل ابن أصيل .
 عندما يؤجَّـل سحب ياناصيب رأس السنة بإعلان كبير في الجرائد الرسمية حداداً على أحد "القياديين" المتوفين في دولة عربية شقيقة ، فإنه فن وإبداع مالي سياسي .. و"حزن" خبيث أصيل .
 عندما يُسمح بمنشآت مخالفة لأنها تحت الصفة السياحية ، بافتتاح رسمي وتغطية إعلامية ، فإنه فن وإبداع مالي استثماري سياحي تدويخي سياسي .. أصيل .
 عندما يتم الشرح والإعلان من جهابذة الاقتصاد والإعلام و"بعواميد" الافتتاحيات بالجرائد الرسمية ، عن مقدار خسارة الدولة جراء فارق أسعار المحروقات بين المحلية والعالمية ، وجراء الفارق بين "فهلوة" المهربين و"نكبة" المراقبين .. والإعلان بالمقابل عن خطط الحكومة "لتحسين الواقع المعاشي والحد من ارتفاع الأسعار" ضمن ذات الجرائد الرسمية ، فإنه فن وإبداع اقتصادي تدويخي مالي اشتراكي سياسي .. أصيل .
 عندما " يجزم" أحد فطاحل الظرفاء أن لا انفلونزا طيور في سوريا كما لا إيدز أو فساد ، وجميعها مؤامرات امبريالية – رغم دخولنا في اقتصاد السوق - ، فهو فنان مبدع سياسي .. أصيل ابن أصيل .
 عندما تنظم المحاضرات والندوات ، والإعلانات والإعلامات ، عن تطور "الانترنت" وما تقدمه "الجمعية" من زيادة في الخدمات ، وعن الشركات "المندفعة" لتشغيل البروكسيات ، ثم عن عديد المواقع "المحجوبات" ، فإنه أيضاً ، فن إبداعي تدويخي سياسي .. أصيل ابن أصيل .
 عندما تتخد الحكومة الخطوات اللازمة للمساواة بين المواطنين وتحقيقها مبدأ الاشتراكية ، من حيث إلزامهم – طوعاً – بدراسة جميع النظريات الاقتصادية العالمية منها والمحلية باللغة العربية ، لا للتباهي بالمواطن السوري بل لإلزامه بالتفكير في كيفية وأوجه التوفير احتياطاً من قرارات حكيمة جديدة باسم تحسين مستوى المعيشة ، فهو فن وإبداع حكومي سياسي .. أصيل .
 عندما يطالب أحدهم بإبقاء المعامل والمحالج والمستودعات الحكومية ضمن الأحياء السكنية لتبقى شاهداً على "الانجازات" الاقتصادية علانية أمام جميع المغرضين ، فإنه فنان مبدع بيئي صحي سياسي .. ظريف خبيث أصيل ابن أصيل .
 عندما يهتف أحدهم "الله يحفظ محافظنا يللي نفذ مطالبنا" فإنه ، ورغم بيئتة الشعبية البسيطة ، فنان مبدع سياسي .. بسيط ظريف أصيل ابن أصيل ابن أصيل .
 عندما ينادي أحد الظرفاء بتأسيس جمعية باسم "لا تيأس ما في أمل" ، متفوقاً بذلك على "بقعة ضوء" ، فإنه بالفعل فنان مبدع سياسي .. وهو حقاً ، بسيط وظريف ... أصيل ابن أصيل ...!

كثيرة جداً -وقد لا تحصى- استخدامات "عندما" في لغتنا العربية ، مثل "سين" و "سوف" الشهيرتان ، أداتـا المستقبل الإعلاميتان الإعلانيتان .

ورجــــاءً من الجميع ، المتابعين أو المراقبين أو المهتمين .. رجاءً ، من دون تأويل .