ضمن التغطية الواسعة التي قامت بها الصحافة الاسرائيلية امس لنتائج الانتخابات الاشتراعية الفلسطينية تناول اكثر من معلق موقف الادارة الاميركية من الفوز الباهر الذي حققته "حماس" على حركة "فتح". ونورد هنا ما كتبه زئيف شيف في "هآرتس": “الادارة الاميركية مقتنعة بأن الذي سيؤدي الى تغيير جوهري في الشرق الاوسط هو الديموقراطية. وفي حال ذهب الارهابيون الى صناديق الاقتراع فسيتحولون تلقائيا ديموقراطيين (...).

بالطبع لقد أعربت الادارة الاميركية عن قلقها عندما لاحظت ازدياد قوة "الاخوان المسلمين" في البرلمان المصري. ومع ذلك اتهم اعضاء في الادارة الرئيس المصري حسني مبارك بمواصلة ضرب العناصر المعتدلة كي يثبت ان نظامه هو وحده الذي سيمنع سيطرة الاسلام المتطرف على الدولة (...).

ويتضح من الحديث مع شخصيات في الادارة من مناصري فكرة تطبيق الديموقراطية الآن في العالم العربي انهم يجدون صعوبة في وضع تحديد دقيق للديموقراطية في الشرق الاوسط. ويؤكدون ان لكل دولة عربية مفهوما مختلفا للديموقراطية. والفرضية التي ينطلقون منها ان جذب العناصر الارهابية الى العملية السياسية الديموقراطية سيؤدي الى تخليهم عن الارهاب. وهذا خطأ. فـ"حزب الله" الذي شارك في الانتخابات العامة في لبنان وله وزراء في الحكومة لا يمكن القول عنه انه لم يعد تنظيما ارهابيا.

ولكن، من ناحية ثانية، لا يمكن ان نتجاهل حدوث تطورات ايجابية في عدد من الدول العربية. فالشارع العربي بات قادرا على اسماع صوته كما جرى في لبنان. وهناك بلدان مثل الكويت اعترفت للمرة الاولى بحق النساء بالمشاركة في الانتخابات. وحتى لدى الفلسطينيين وفي العراق تعمق الوعي الديموقراطي. ورغم ذلك فان الديموقراطية العربية لا تزال في غالبيتها حيث تحظى السلطة بـ99 في المئة من الاصوات في الصناديق، او من المقبول ان تنتقل السلطة من الاب الى الابن كما هي الحال في سوريا على سبيل المثال.

واذا لم تتغير "حماس" جذريا، فستبقى تنظيما ارهابيا حتى ولو دخل ممثلوها الى الحكومة مع محمود عباس وملأوا المقاعد في المجلس الاشتراعي الفلسطيني. وستبقى على ما هي اذا لم تتبن قاعدة عدم حل الخلافات في الرأي مع جيرانها بواسطة العنف، وما دامت لا تزال تعلن عن رغبتها في القضاء على اسرائيل، وتعمل من اجل ذلك، ولا تعترف بوجودها كما فعلت منظمة التحرير في الماضي. من هنا فالمشكلة مع "حماس" ليست في جمع السلاح وانما في مسائل اساسية أكثر.

ليس صحيحا ان الادارة الاميركية أبلغت اسرائيل ان انضمام وزراء من "حماس" الى الحكومة الفلسطينية سيؤدي الى عدم تعاونها مع هذه الحكومة. فالتوجه الاميركي سيكون مشابها لما يحصل في لبنان، حيث يقيمون علاقات مع الحكومة وليس مع وزراء "حزب الله". لكن هذا كله قد يتغير في حال شكلت "حماس" الحكومة. فهذه الحكومة سوف تلغي تلقائيا "خريطة الطريق" واتفاقات أوسلو، الا اذا تبنت "حماس" وجهة نظر محمود عباس. ومن دون ذلك ليس باستطاعة حكومة "حماس" ادارة السلطة الفلسطينية والمحافظة على أمن الفلسطينيين ورخائهم".