أولمرت اتصل بمبارك وعبداللـه رافضاً التفاوض مع "حماس"
النهار
لا تزال تداعيات الفوز الساحق الذي حققته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني تثير مزيدا من القلق وردود الفعل في الأوساط الإسرائيلية، التي ألقت تبعة هذه "المفاجأة" على أجهزة الإستخبارات المختلفة. واتصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوكالة ايهود أولمرت بالرئيس المصري حسني مبارك والملك عبد الله الثاني بن الحسين، وبحث معهما في فوز "حماس"، مطالباً بنزع سلاح الحركة. وأظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس أن نصف الاسرائيليين يؤيدون مفاوضات بين اسرائيل وحكومة فلسطينية برئاسة "حماس".
وكانت الإستخبارات الإسرائيلية التي تتبجح بأنها وجهت ضربات مؤلمة الى "حماس"، أول من فوجئ بالفوز الكبير الذي حققته "قائمة الإصلاح والتغيير" التابعة للحركة بـ76 مقعداً من أصل 132، فيما فازت حركة فتح بـ43 مقعداً.
وقال مسؤول أمني رفيع طلب عدم ذكر إسمه: "كنا نعلم أن حماس ستعزز موقعها من طريق الإنتخابات، ولكن لم يتوقع أحد انتصاراً كهذا". ورأى أن الأسوأ هو اكتفاء إدارة جهاز الأمن الداخلي "شين بيت" بقراءة استطلاعات الرأي التي رجحت فوز حركة المقاومة الفلسطينية "فتح" وتصاعد نفوذ الإسلاميين.
ونشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً ذكرت فيه بفصل من تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي "خطأ يعادل في خطورته ما ارتكبته الإستخبارات قبل حرب الغفران عام 1973"، حين اعتقدت اسرائيل خطأ حتى اللحظة الأخيرة أن مصر وسوريا لن تشنا هجوماً عليها.
وخلال اجتماع طارئ مساء الخميس بدعوة من أولمرت، علق وزير الدفاع شاؤول موفاز بحدة: "إذا كانت الاستخبارات أخطأت في حدث على مرأى من أجهزتنا، فكيف يمكننا أن نكشف نيات بلد يستعد لشن حرب علينا؟". بيد أن مسؤولاً استخبارياً طلب عدم ذكر إسمه، أكد أن موفاز نفسه تلقى في حزيران الماضي تقريراً لخبراء يحذرون فيه حكومة رئيس الوزراء أرييل شارون من إمكان امساك "حماس" بزمام السلطة.
وأجمعت الصحف الاسرائيلية الصادرة أمس على أن الصدمة والمفاجأة من سيطرة "حماس" على المجلس التشريعي نابعة من التقويمات الخاطئة للمسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
وبثت الإذاعة الإسرائيلية أن اولمرت اتصل بمبارك وبالملك عبد الله ليعبر لهما عن "قلق اسرائيل"، مؤكداً أن الدولة العبرية لن تتعاون مع "حماس"، أو مع حكومة تضم ممثلين لهذه الحركة. ونسبت إلى مبارك قوله لأولمرت أنه سيبحث في نتائج الإنتخابات الأسبوع المقبل مع القيادة الفلسطينية.
وأوردت وكالة الأنباء الأردنية "بترا" أن العاهل الاردني أبلغ إلى أولمرت ان معاودة عملية السلام في الشرق الأوسط يجب أن تكون "هدفاً استراتيجياً نعمل جميعاً لتحقيقه". وأضاف أن "الشعب الفلسطيني يسعى ويعمل من أجل السلام. وما اسفرت عنه نتائج الانتخابات التشريعية يجب ألا يثنينا عن المضي نحو التوصل الى سلام ينهي حال الصراع والعنف في المنطقة".
ووصف المستشار الإعلامي لرئاسة الوزراء الإسرائيلية رعنان غيسين تولي "حماس" رئاسة الحكومة الفلسطينية بأنه مخالف لاتفاق أوسلو وبنود "خريطة الطريق". ونقلت عنه هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أنه "لا يمكن منظمة ارهابية أن تكون شريكاً في صنع السلام". واعتبرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن "فرصة التوصل إلى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين كانت سانحة بعد فك الارتباط، لكن فوز حماس في الانتخابات يشكل اقفالا للباب من الفلسطينيين".
ونشرت صحيفة "هآرتس" ان ليفني اتصلت هاتفياً بوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووزيري خارجية كل من المانيا والنمسا في شأن نتائج الانتخابات الفلسطينية واطلعتهم على الموقف الاسرائيلي من هذه النتائج.
وخلص زعيم تكتل "ليكود" بنيامين نتنياهو الى ان التوصل الى صيغة تفاهم مع "حماس" متعذر لأن "هدفها الأساسي محو اسرائيل" من الوجود. وأضاف: "إننا نشهد الآن تأسيس دولة حماس" وهي "فرع ينتمي إلى إيران".
وافاد مصدر في مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلية أن اسرائيل ستواصل دفع المستحقات الجمركية للسلطة الفلسطينية على رغم فوز "حماس". وقال: "سنواصل التعاون مع السلطة الفلسطينية في الأمور المالية مثل دفع المستحقات الجمركية المتأخرة، ما دمنا نعرف نوع الحكومة التي نعمل معها".
وكان المسؤول يشير الى مبلغ 40 الى 50 مليون دولار تدفعها اسرائيل الى الفلسطينيين كل شهر كمستحقات جمركية تحصل على السلع المتوجهة الى الأسواق الفلسطينية والتي تمر عبر الموانئ الإسرائيلية.
بيد أن المدير العام في وزارة المال الإسرائيلية يوسف باشار شكك في دفع تلك المستحقات الجمركية أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، إذ قال: "سنواجه مشاكل عملية في ما يتعلق بكيفية التعامل مع من يدعون إلى تدمير إسرائيل".
وجاء استطلاع للرأي نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن 48 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون التفاوض مع حكومة فلسطينية برئاسة "حماس"، في مقابل 43 في المئة يعارضون ذلك.
ورداً على سؤال هل على اسرائيل التفاوض مع حكومة فلسطينية تشارك فيها "حماس"، أجاب 67 في المئة أنهم يؤيدون التفاوض مع حكومة كهذه، فيما عارض ذلك 28 في المئة.