معاريف
عمير ريابورت
تلبدت السماء طوال يوم أمس مع اتضاح مستويات الانتصار المذهل الذي حققته حماس، لكنها لم تسقط. فالمناطق الفلسطينية بقيت ذاتها، والسكان الفلسطينيون لم يصبحوا أكثر تديناً، وعلى الحواجز المحيطة بكل المدن الفلسطينية ستواصل الطوابير ذاتها الاحتشاد خلال الأيام القادمة كما كان الحال عليه قبل شهر وشهرين.
على المدى القصير، لن يؤدي فوز حماس الى تغيير في الوضع الأمني. فاستثناء العادية عن نوايا منظمات مثل الجهاد الاسلامي في تنفيذ أعمال القتال عندنا، لا يوجد تحذيرات من مغبة حصول عمليات ضخمة.
على المدى الزمني الأطول، فإن تأثير انتصار حماس على الواقع الأمني سيكون دراماتيكياً. فكل ما تدربت عليه قوات الأمن حتى الآن سيكون من دون أي قيمة في حال أخذت حماس على عاتقها فعلاً تشكيل ححكومة جديدة. فقد انتهت الفترة التي كان يتم خلالها مواصلة العمل بشكل طبيعي مقابل قوات الأمن الفلسطينية التي كانت تقوم من جهتها وبشكل عام بغض النظر عن العمليات التي كانت تطبخ في محيطها. والآن، أصبحت السلطة أيضاً هيئة إرهابية رئيسية في المجتمع الفلسطيني.
الواقع الجديد بعد فوز حماس سيتشكل على يد الأعمال أكثر منه على يد التصريحات الكلامية المتشددة لدى الطرفين. على سبيل المثال، من المهم معرفة ما هو الدور الذي ستلعبه قوات الأمن الفلسطينية في حال انتقالها الى مسؤولية حماس، وليس واضحاً ما الذي سيحصل عندما يكون ثمة ضرورة للتنسيق بين جهات اسرائيلية وبين رجال حماس بخصوص مواضيع يومية مثل خروج العمال الفلسطينيين للعمل في اسرائيل أو نقل فلسطينية مريضة لتلقي العلاج في اسرائيل.
انتصار حماس يشكل رسالة تهديد لكل المعتدلين في العالم العربي الذين لا يجدي نهجهم نفعاً. لكن هذا التطور تحديداً سيخفف الضغط الدولي على اسرائيل وسيغلق الأبواب التي فتحت في واشنطن أمام الفلسطينيين من رجال فتح. صحيح أن حزب السلطة الفلسطينية هو بعثة ارهابية تقتل مدنيين بدم بارد، وهو حزب رفع راية تدمير اسرائيل، لكن من جهة ثانية، ثمة فرصة معينة أن تسير حماس في المسار الذي سلكته حركة فتح منذ زمن ـ من منظمة إرهابية الى حزب يُعتبر شرعياً.