“الديمقراطية شيء رائع، تجعل السياسيين مسؤولين عن أفعالهم” هذا الكلام للمتحدث باسم البيت الابيض شون ماكورماك في تعليقه على الانتصار الساحق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

هذا الكلام الأمريكي محق جداً، وهو يترجم فعلاً ما حصل في الأراضي الفلسطينية، حيث عبر الشعب الفلسطيني عن سخطه من إداء السلطة، ممثلة بحركة “فتح” على مدى عشر سنوات كانت حافلة بالفساد والفوضى، من دون أن ننسى مسؤولية جوهرية للاحتلال ومن ورائه الولايات المتحدة عن جزء كبير من حالة السخط هذه.

لكن المستغرب أن هذا الكلام الأمريكي الديمقراطي، لا يجد له ترجمة على أرض الواقع، فالإدارة الأمريكية تشيد بالفعل الديمقراطي كحالة منفصلة عما انتجته هذه الحالة على الأرض، وهو ما ترفض الإدارة الأمريكية وخلفها الاتحاد الأوروبي التعامل معه.

هناك ازدواجية معايير أمريكية في التعامل مع التغييرات التي تقول إنها تسعى إلى إيجادها في المنطقة. وإذا كانت فعلاً تسعى إلى هذا التغيير فعليها بالمقابل الاعتراف بحالة التداول الديمقراطي للسلطة، ليس فقط في الأراضي الفلسطينية، بل في المنطقة بأسرها، حيث لن تختلف النتائج كثيراً عمّا آلت إليه الأمور في صناديق الاقتراع الفلسطينية.

وعلى واشنطن أن تسأل نفسها أولاً عن أسباب هذا الصعود الكبير للحركات الإسلامية في المنطقة، وتراجع كشف أفعالها خلال السنوات العشر الماضية على وجه الخصوص، إضافة إلى دعمها على مدى عقود عملية قمع الحركات السياسية في العالم العربي وتعطيل العمل الحزبي في أكثر من دولة وبالتالي لم يعد هناك أكثر من خيار ايديولوجي للمواطن، الذي وجد ضالته في الحركات الإسلامية. لا بد لواشنطن من العمل لاستيعاب هذا الفوز لحركة “حماس”، التي باتت ممثلة للسلطة الفلسطينية، والتي عليها بالمقابل بعض الواجبات وتقديم التنازلات، ليس أقلها القبول بعلاقة ما مع “إسرائيل” باعتبار أن تسيير أمور الحياة اليومية في الساحة الفلسطينية يحتاج إلى الحد الأدنى من التنسيق مع سلطات الاحتلال، من دون أن يكون ذلك نقيصة تسجل على “حماس” التي يجب عليها التعامل بمسؤولية مع واقعها الجديد لتكون على قدر الثقة التي منحها إياها فلسطينيو الداخل.