أوراق مساومة ايرانية ؟

من ابرز الحلقات النقاشية في "المنتدى الاقتصادي العالمي " في دافوس هذه السنة تلك المتعلقة بايران و المواجهة مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي . وهنا خلاصتها:

السناتور الاميركي الجمهوري ساكسبي تشامبليس يعتقد أن المسألة الايرانية حلت اليوم مكان العراق في صدارة اهتمامات المجتمع الدولي، وكذلك الولايات المتحدة حيث الادارة والكونغرس يوليان اهتماما متزايدا بالبرنامج النووي الايراني وخطط طهران للحصول على السلاح النووي في غضون سنوات. وينبه تشامبليس الى ان العالم لن يستطيع تحمل تحول ايران دولة نووية ولن يسمح بحصول هذا التحول الذي سيخلق حالة انعدام استقرار في المنطقة بأسرها، لأن ايران تمارس سياسة هجومية، مما يُدرج السلاح النووي خارج اطار الاستخدام الدفاعي الذي لا يبرره واقع ايران الجيو - استراتيجي حيث لا تخشى تهديد اي دولة في محيطها الاقليمي.

من ناحيته يطرح كينيث بولاك من معهد بروكينغز في واشنطن سؤالا مهما: هل يمكن التعايش مع ايران نووية؟ و يسارع الى طرح الخيارات التي تُناقش في أروقة القرار في الادارة الاميركية ، فيوضح انها اربعة: اولا، الديبلوماسية عبر التوصل الى اتفاق يرضي المجتمع الدولي وايران معا ويقوم على تقديم حزمة من الحوافز الكبيرة لطهران في مقابل تنازلها عن برنامجها المفتوح على الاستخدامات العسكرية. ثانيا، عدم القيام بأي تحرك لوقف البرنامج النووي الايراني الى ان يصبح امرا واقعا لا رجوع عنه. ثالثا، الضغط ديبلوماسياً عبر عزل النظام الايراني وفرض عقوبات واسعة عليه، ودعم القوى المعارضة لتسهيل تغيير النظام. رابعا وأخيراً، الخيار العسكري إما بضربات جراحية لتدمير المنشآت النووية الايرانية وإما بعملية واسعة النطاق لحمل طهران على الرضوخ سياسيا.

وإذ يعترف بولاك بصعوبة الوصول الى اتفاق عبر الديبلوماسية المتبعة راهنا، يرى ان على المجتمع الدولي اعتماد سياسة "تكبير الجزرة والعصا" في آن واحد، لأن ممارسة سياسة النعامة ستؤدي الى كارثة حقيقية. اما الخيار العسكري فهو امر صعب سيحتاج الى اوسع تحالف دولي يضم روسيا و الصين ليحقق اهدافه، لأن المعركة لن تتوقف عند المنشآت النووية بل سيسبقها تدمير القوة العسكرية الإيرانية بالكامل، بدءا بسلاح الطيران، ومنصات الصواريخ من طراز "شهاب".

ومع استبعاده للخيار العسكري في الوقت الراهن نظرا الى عدم اتضاح حجم المكاسب، و تأكد التكلفة الكبيرة المتأتية منه، يؤكد بولاك ان روسيا والصين، رغم مساهمتهما في تطوير القدرات النووية الايرانية، لا تنظران بعين الرضا الى نشوء دولة نووية في جوارهما. لكن ايران تمتلك قدرة على استخدام ساحات اخرى للرد على عقوبات في حقها، و على اي عمل عسكري. من العراق، الى افغانستان، الى فلسطين حيث "حماس"، وسوريا و لبنان حيث "حزب الله". ويرى ان ايران تتبع سياسة تجميع الاوراق هذه للمساومة وإلا فللمواجهة. و من غير المستبعد ان تضحي ايران باحدى هذه الاوراق او بها كلها في اطار لعبة المساومة، لكنها تعتبر هذه الساحات خطوطها الدفاعية عن النظام وعن برنامجها النووي.

من ناحيته يعتبر محمود سريول غلام، استاذ العلاقات الدولية في جامعة ايران الوطنية في طهران، ان الشعب الايراني معتاد نظام العقوبات التي عاش في ظلها في شكل او في آخر في العقدين الماضيين، لكنه لا يستبعد ابدا ان تؤدي عقوبات واسعة و قاسية الى احداث ضعضعة في الداخل المباشر، من هنا اعتباره ان الموقف الايراني ليس بالقوة التي يحاول اظهارها المسؤولون في طهران، ويؤكد انه مع الرئيس احمدي نجاد انتصر خط السيطرة المخابراتية والامنية على خط الانفتاح على العالم. ولذلك يحتاج هذا النظام لتأمين سيطرته على البلاد الى ادارة مواجهة محدودة ومدروسة مع الغرب.

واخيرا يخلص ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الاميركي في نيويورك، الى استنتاج مفاده ان ايران ستكون على "أجندة" الاهتمام الدولي الساخن في السنوات المقبلة، لان برنامجها النووي لا يمكن تجاهله نظرا الى ازمة الثقة الخطيرة التي تعصف بعلاقات طهران مع العالم الخارجي.