العلاقات بين دمشق والحجاز علاقات قديمة جدا ولو عدنا اليها من تاريخ الامويين وعثمان بن عفان وتجارة ابو سفيان مع الرومان لوجدناها علاقات قديمة جدا، بدأت بالتجارة وما زال يغلب عليها الطابع التجاري المالي، ولو استعرضنا تاريخ

سورية الحديث لوجدنا ان اول ملك نصب علي سورية اتي من الحجاز ولوجدنا ايضا ان الملك عبد العزيز مؤسس المملكة السعودية كان يستعين بعائلات سورية لمساعدته في ادارة الحكم، كما فعل ذلك الملك عبد الله الاول ملك الاردن، وما زال من بين ابناء هذه العائلات من يشغل مناصب دبلوماسية حساسة في سفارات المملكة العربية السعودية المنتشرة في الخارج.وساهمت السعودية مع مصر بدعم حكم شكري القوتلي في سورية، وفي عودته الي الحكم مرات عديدة، كذلك ساعدت انقلاب الشيشكلي عام 1954 وحاول الملحق السعودي العسكري في بيروت ارجاع الشيشكلي الي الحكم في دمشق ولكن جهوده باءت بالفشل.وكان للسعودية دور في الانفصال الذي تم بين سورية ومصر عام 1961، وساءت العلاقات السعودية السورية في عهد حكم الدكاترة الاتاسي وزعين وماخوس، لتعود من جديد الي عصرها الذهبي مع وصول الرئيس الراحل حافظ الاسد الي الحكم وانفتاحه علي الرياض التي انقذت حكمه ماليا من عدة ازمات اقتصادية عن طريق دعمها لليرة السورية او شراء احتياطي العملة الصعبة وضخها في دورة الاقتصاد السوري. كان ذلك خصوصا في عام 1985 اثناء ذروة الازمة الاقتصادية السورية.وتشكل النظام الاقليمي الجديد بعد وفاة عبد الناصر من ثلاثة اقطاب، السعودية، مصر، سورية، كان الرئيس السوري الراحل يراعي الحساسية السعودية وينسق امينا مع السعوديين ان كان في لبنان او في اماكن اخري ودفع ثمن هذا التنسيق قادة الاخوان المسلمين في سورية وكذلك المعارض السعودي ناصر السعيد الذي اختطف من بيروت ولا احد يعرف اين هو حتي الان.وشمل هذا التنسيق السعودي ـ السوري لبنان حتي ان مؤتمر الطائف الخاص بالمصالحة اللبنانية عقد في مدينة الطائف بالسعودية في عام 1990، وكان هناك تنسيق امني سوري برئاسة المرحوم غازي كنعان، وتنسيق مالي اقتصادي برئاستي المرحوم رفيق الحريري والوليد بن طلال.والان السؤال المطروح هل اختفي هذا التنسيق او زال مع مقتل الشهيد رفيق الحريري، وهل نحن امام مرحلة جديدة من العلاقات السعودية ـ السورية؟

الجواب، لا، بالطبع خفت حدة هذه العلاقات بسبب الانسحاب السوري من بيروت، لكن النظام السعودي لا يهمه ابدا قلب النظام في سورية بقدر ما يهمه معرفة قاتل رفيق الحريري ابن وصهر السعوديين. والسعودية تتعامل الان مع النظام السوري الابن بمعيار مختلف عن النظام السوري الاب، لم تعد هناك استشارة بين الجانبين، وانما هناك نصائح ملزمة من الرياض لدمشق، افعل هذا او ذاك واياك من هذا او ذاك والا...؟قرار الانسحاب من لبنان اتخذ في الرياض عندما أُخبر الاسد بان لا مفر من ذلك الامر والا العواقب ستكون وخيمة.بالطبع لن يقلب خدام طبيعة هذه العلاقات، وان كان في البداية شعر بذلك، الا انه عاد واستدرك ان طبيعة هذه العلاقة اقوي مما يتوقع، لان الانظمة العربية اليوم متجنزرة ومتضامنة مع بعضها البعض مثلها مثل البنيان المرصوص، فهي ذات طبيعة واحدة وتنهل من نفس المصدر، والاهم من هذا وذاك ان معلمها واحد، فان اختلفت هذه الانظمة ، فالاختلاف يكون في التفاصيل، لكن هناك تفاهما علي الخطوط العريضة.واذا كان السوريون يعتقدون بأن هذا النظام العربي او ذاك سيساعدهم علي قلب نظام حكمهم فان املهم سيكون مثل امل ابليس في الجنة، كل ما يجب ان يطلبه السوريون من هذا النظام او ذاك ان يقف علي الحياد، ولكن هيهات ان يفعل ذلك، لان المعلم كما اشرنا واحد للجميع، وهو الذي يأمر متي وكيف سيسقط هذا النظام او ذاك، وحمي الله سورية من كل شر