رسل السلام لا يدخلون في قلبي ... فأبقى معلقة على مساحة من السياسة التي تستهلك الجسد وربما الروح ... فالسياسة التي ندعي أننا قادرون على فهمها تمثل ذروة الغرق في التطرف أو الوسطية ... أو حتى في عدم القدرة على رسم شهوتنا نحو المستقبل، فنعيد كتابة ما نريد على سياق الماضي الذي نرسمه "سياسة أيضا.
لكن السلام الذي يبدو الشعار الأكثر رقة يقتحم ذاكرة الأشياء محاولا البحث في داخلي، وفي عمق الصورة الأنثوية عن ملامح من الرقة والعاطفة ... وربما في النهاية لا يظهر إلا على رائحة الموت في الحرب. فلولا القتل لم يظهر السلام ... لولا العنف الذي يرسم العقل فإن الهدوء سيبقى جهلا ...
وربما أسأل نفسي عن حقيقة تعريف الأشياء بضدها، فلا أرى السلام سوى الصورة المطلقة للجمال وليس للحرب ... إنها نتيجة ما يتركه عمق الإحساس باللحظة، فالسلام ليس نقيض الحرب ... والجمال ليس الوجه الآخر للبشاعة ... ربما رسمنا قناعاتنا على قياس هذا التناقض فوصلنا إلى "الوسطية" ... ابتداء من "الأمة الوسطى" وانتهاء بـ"خير الأمور الوسط"!!!
ما يحملني نحو رسل السلام هو رغبتي في تحطيم مألوف المصطلح، وهدوء المفاهيم وسط حركة التحول ... حركة الحياة. ومن جديد فإن الهدوء يمكن ان يترافق مع الحركة، لأن هدوء التفكير لا يعني أننا ساكنون ... ونسبية آينشتاين التي نسفت الفيزياء عليها ان تجتاحنا للنسف الصورة النمطية لعقلنا ... فنتحرر ... أو أتحرر من الوسطية التي جعلتني من "خير أمة أخرجت للناس" ... ثم انقلب على ذاتي فأرى أنني في "الجحيم الثالث" ... "الصراع الثالث" ... "التيار الثالث" الذي يتدفق وسط حمى التراث فلا يُطفئها بل يزيد اشتعال الحياة نحو المستقبل ...
إنني أختار .. أو أستخدم حقي كأنثى مسلوبة تاريخيا في حرق الرغبة بالتوقف عند "الوسط" .. لأن شهوتنا وسطية وأحلامنا وسطية .. وآمالنا تقف عند المساحة الزمنية التي يرسمها "وسطية" التعامل مع الأنثى والرجل، وكأن "بضدها تعرف الأشياء" يحتم علينا التعامل مع "سديم" ر يريد التشكل لمواقع ملموس ... عند هذه النقطة أفهم التيار الثلاث كـ"سديم" يتحول في الغد إلى "نجم" ثم يفسح المجال لسديم آخر في طور التحول ..