أولمرت يتجاهل تحذيرات المخابرات ويسير على نهج أوروبا وأميركا

«الشرق الأوسط»
اتسمت المواقف الإسرائيلية تجاه حركة المقاومة الإسلامية «حماس» أمس بالتضارب. ففي الوقت الذي دعت فيه تل أبيب الحركة إلى الاعتراف باتفاقات أوسلو، التي تضمنت اعترافا فلسطينيا بوجود إسرائيل، قائلة إنها لا تريد التصعيد مع الفلسطينيين، أعلنت تجميد مستحقات السلطة الفلسطينية المالية، الأمر الذي سوف يزيد الوضع الاقتصادي، الذي سوف ترثه حماس في حالة تشكليها الحكومة، صعوبة.
فقد دعا الرئيس الاسرائيلي موشي كاتساف أمس (حماس) الى قبول اتفاقات اوسلو الموقعة عام 1993، اول اتفاقات سلام بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال كاتساف للاذاعة العامة الاسرائيلية انه «على الفلسطينيين الاعلان انهم يريدون اتباع نهج محمود عباس (رئيس السلطة الفلسطينية) الذي بامكاننا التحاور معه». واضاف «في هذه الحالة، على حماس نبذ العنف وقبول وجودنا واتفاقات اوسلو»، مؤكدا ان الخيارات الحالية لحركة المقاومة الاسلامية تشكل خطرا ليس فقط على الفلسطينيين، وانما ايضا على الدول العربية المعتدلة.

وفي تصريحات أخرى، قال كاتساف إن إسرائيل تريد تفادي التصعيد مع الفلسطينيين، ولكن يتعين الالتزام بخطة «خريطة الطريق» للسلام. وقال إن تل أبيب ترغب في تجنب تصعيد الموقف بعد النصر الذي حققته (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، مناشدا الرئيس الفلسطيني محمود عباس العمل على ضمان التمسك بما تم التوصل إليه، قائلا: أعتقد أنه يملك السلطة والنفوذ اللذين يمكناه من صون مصالح الشعب الفلسطيني».

في الوقت نفسه، تراجعت الحكومة الاسرائيلية عن قرارها تحرير المدفوعات الشهرية النقدية للسلطة الفلسطينية. وقررت أن تسير وراء الأوروبيين والأميركيين، الذين قرروا تجميد اموال الدعم ردا على فوز «حماس» في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني. وكانت حكومة اسرائيل، بتوصية من جهاز مخابراتها العام، قد قررت تحرير الدفعة الشهرية للسلطة، رغم فوز «حماس»، حتى تستطيع دفع الرواتب للمستخدمين في الجهاز الحكومي، فلا تنهار السلطة. وتعرض هذا الموقف في حينه لانتقادات واسعة في اليمين الاسرائيلي، لكن أولمرت لم يتأثر، والتزم بنصيحة مخابراته. إلا ان اعلان الولايات المتحدة أنها ستجمد أموال الدعم للسلطة حتى تغير «حماس» موقفها وتعترف باسرائيل وتنزع أسلحتها وتقبل بالاتفاقيات الموقعة مع اسرائيل، ثم قرار دول الاتحاد الأوروبي بالروح نفسها، جعل اولمرت يعيد النظر في موقفه ويقرر حجب هذه الأموال. المعروف ان الأموال التي يجري الحديث عنها بالنسبة لاسرائيل هي أموال فلسطينية، وليست دعما من اسرائيل، فهي مخصصات التأمين الوطني التي تقتطعها اسرائيل من رواتب العمال الفلسطينيين الذين يعملون في شركاتها، بالإضافة الى رسوم الجمارك الفلسطينية التي تجبيها اسرائيل في موانئها عن البضائع التي تستوردها السلطة. وتبلغ قيمة هذه المدفوعات بالمعدل 200 مليون شيكل (ما يعادل 43 مليون دولار في الشهر)، وهي تشكل ما نسبته 37% من الموازنة العامة للسلطة الفلسطينية.