يدعيوت أحرونوت

شموئيل شنهار

يثير انتصار حماس في انتخابات البرلمان الفلسطيني، كما هو متوقع، رداً شبه موحد: بان الوجه الحقيقي للفلسطينيين، انتهت الضبابية، ونيتهم الواضحة تدمير اسرائيل ليس لدوافع قومية فقط، بل لدوافع دينية أيضاً. لذلك ليس هناك من يمكن التكلم معه، لا يوجد شريك. هذا تقدير صحيح، ذلك انه من الصعب الافتراض ان حماس ستكون مستعدة للتسوية مع اسرائيل ما لم تضمن تلك التسوية العودة الى حدود 67 وعودة اللاجئين، ومن الصعب الافتراض ان اسرائيل ستوافق على هذه الشروط. لكن الخلاصات المستخرجة من هذه الوقائع مختلفة تماماً.
يدعي اعضاء اليمين انه يتعين تنظيم صفوفنا بحيث نستطيع الدفاع عن انفسنا في وجه اقامة دولة اسلامية متطرفة من خلال مواصلة السيطرة على كل النقاط الاستراتيجية في الضفة الغربية ومن خلال تعزيز المستوطنات في الضفة. كما يتعين ايضا، وقف نقل اموال الضرائب التي تجبيها اسرائيل لصالح السلطة الفلسطينية وفقا لاتفاق اوسلو. لكن ثمة نهجاً آخر أيضاً يفترض أننا سائرون لفترة طويلة جدا من غياب اي فرصة للتفاوض والتسوية. هذا النهج مكون من العناصر التالية:
1 ـ فك ارتباط احادي الجانب الى حدود آمنة. فالوضع الراهن المتمثل في استمرار السيطرة على جزء كبير من الضفة هو الأسوأ. فهو يعرض للخطر كون اسرائيل دولة يهودية، بالمعنى القومي؛ وكونها دولة ديموقراطية. وهو يرسخ الى الابد نظام الاحتلال الذي لن يقبله ابدا الفلسطينيون والاسرة الدولية. لكن السيطرة على قسم من اراضي الضفة لضرورات أمنية هو أمر ضروري لأمننا، وحتى ان من شأنه ان يتفهمه الاميركيون والأوروبيون.
2 ـ ازالة مستوطنات. لا مفر من البدء في عملية تدريجية لازالة مستوطنات كثيرة في الضفة. ثمة قسم سيزال كليا، وثمة قسم صغير سينقل الى الكتلتين الاستيطانيتين مثل غوش عتسيون، التي منحت الموافقة على اصل وجودها بشكل واضح في رسالة الرئيس بوش الى الحكومة في نيسان 2005.
3 ـ استكمال الجدار. الجدار يصبح ضرورياً اكثر من السابق، ويجب الافتراض ان حماس ستواصل العمليات بوتيرة اشد، وثمة خشية كبيرة من ان يشارك في هذه العمليات قوات الامن الفسطيني، التي ستنتقل في نهاية الامر الى سلطة حماس. لقد سبق ان حصل هذا الامر تحت سلطة عرفات، وهذا سيحصل مجدداً، فالجدار والانتشار العسكري على طوله هو امر ضروري جداً.
4 ـ سخاء في تحديد مسار الجدار. فرئيس الحكومة شارون، والقائم مقامه اولمرت، سبق ان قالوا انهم يسعون الى اقامة دولة فلسطينية. وهم لم يقولوا انه لا مناص من فعل ذلك، بل قالوا انهم يرون في حل الدولتين غربي نهر الاردن حلاً مناسباً، ولذلك يتعين على اسرائيل ابداء سخاء في تحديد مسار الجدار. فكيلومتر من هنا وكيلومتر من هناك لن يغير شيئاً، وما لم يكن الامر ضرورياً جدا من الناحية الامنية، خلافا للسيطرة الاسرائيلية على غور الاردن مثلا، ممنوع تحريك الجدار عن مسار الخط الاخضر. وهكذا تنظر المحكمة العليا الى الامور ايضا، وهي اتخذت هذا الموقف قبل موقف المحكمة الدولي في لاهاي. نهج السخاء هذا سيسمح بايجاد دولة فلسطينية ذات تواصل اقليمي واتصال جغرافي بين شمال الضفة وجنوبها. وثمة ايضا مكان للتفكير بشق طريق علوي ـ على أعمدة ـ بطول 40 كيلومتراً يربط قطاع غزة بجنوب جبل الخليل.
5 ـ مواصلة نقل الاموال الى السلطة الفلسطينية، سنرتكب خطأ فادحاً في حال قمنا بالمس بمستوى الحياة والخدمات بالنسبة لسكان الضفة والقطاع. فخلق ضائقة اقتصادية صعبة لن يؤدي الى ازاحة حماس، ذلك ان حماس انتخبت بشكل ديموقراطي لعدة سنوات. في المقابل، من شأن حالة الاضطراب ان تؤدي ايضا الى تسلل القاعدة للمنطقة، والتي تتدخل بحسب تصورها الاستراتيجي في مناطق الاضطرابات والازمات فقط. ولذلك يتعين علينا مواصلة توفير الكهرباء والماء ونقل البضائع والسماح ـ برقابة شديدة ودقيقة ـ بانتقال اليد العاملة من اجل العمل في اسرائيل، وممنوع علينا ايضا وقف تحويل اموال الضرائب والجمارك التي نجبيها لصالحهم وفق اتفاق اوسلو. ولا يوجد مكان ايضا لمعارضة نقل أموال التطوير من الاسرة الدولية شرط ان يكون ممكنا الاشراف على موارد انفاق الاموال وغاياتها المحددة.