هناك قناعة لدى المسؤولين السوريين انه لو كان باستطاعة الادارة الاميركية الحالية تغيير او اسقاط النظام القائم في دمشق لما ترددت في فعل ذلك ولو كانت لدى الولايات المتحدة القدرة على احتلال سوريا كما حدث في العراق لما تأخرت واشنطن كثيرا عن الاقدام على خطوة كهذه‚

والسبب في نظرهم بسيط وجوهري ومفاده ان الوضع في سوريا مغاير تماما للوضع الذي كان سائدا في العراق فضلا عن ان اميركا المتورطة في المأزق العراقي لا تستطيع القيام بمغامرة عسكرية جديدة ضد سوريا‚

ولكن السبب الاكثر اهمية في نظرهم هو ان اي تغيير في الوضع السوري يشكل تهديدا مباشرا لأمن اسرائيل لان نقل «الفوضى الخلاقة» الى الساحة السورية سيجعل من هذه الاخيرة بوابة مفتوحة امام جميع القوى والمنظمات الاصولية وتلك التي توصف بالارهاب لتصل من خلالها الى فلسطين المحتلة وتجعل من ارض الميعاد «محرقة بالمعنى الدقيق للكلمة» ويبدو هذا التفسير على درة من المنطقية لأنه في حال انتشرت الفوضى في سوريا او لبنان فلا احد يضمن بما في ذلك الولايات المتحدة عدم الانتقال الى العمق الاسرائيلي الذي يعاني اصلا من الضعف وعدم التماسك نظرا لوجود هذا الكم من الازمات السياسية والاقتصادية‚

ولا يعني هذا الرأي ان هناك مصلحة لاسرائيل في الحفاظ او الابقاء على النظام او الوضع السوري - كما هو - بل ان القراءة الاستراتيجية لأي تغيير مفاجئ او دراماتيكي في المعادلة ستضع اسرائيل في مرمى هذا التغيير وتداعياته وبالتالي فإن مراكز الابحاث ترى انه من الافضل عدم الاقتراب من الخط الاحمر في هذا السياق‚

وبطبيعة الحال فإن الاولوية في سياق الادارة الاميركية وكل الادارات السابقة واللاحقة هو حماية امن اسرائيل وعدم تعريضها لأي خطر قد يصيب امنها في مقتل‚

ومن المؤكد انه لن يكون باستطاعة واشنطن ان تقفز فوق هذه المعادلة خلال اجراء التقييم النهائي لمستقبل الوضع السوري لأن الصحيح هو ان الولايات المتحدة تريد التعامل مع امن اسرائيل على انه هو المفتاح لقراءة وفهم كل المعطيات والمتغيرات الجارية في منطقة الشرق الاوسط دون اغفال او اسقاط العامل الذاتي المتماسك جدا في استقرار هذا الوضع‚