تميز عام 2005 في مصر بارتفاع الحرارة السياسية التي لم تنفع معها كل اجراءت علاجها لخفضها من المسكنات أوالمهدئات وكان جسد الشعب المصري يعلن العصيان على الأساليب القديمة المعروفة لخفض حرارته السياسية، مما جعل الحالة تزداد سخونة مع كل فشل لوقف ارتفاع الحرارة السياسية.

وقد قدمت الحكومة المصرية الكثير من المقترحات التي تظنها علاجا للحالة الجديدة للشعب المصري من تعديل للمادة 76 لم يلق قبولا من جسد الشعب، وقانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الأحزاب وغيرهما مما أوقع محترفي المعالجات السياسية في ورطة لم يسبق لها مثيل، فاتجهت الاتهامات اليهم على انهم هم السبب الرئيسي في تلك الحالة المستعصية على العلاج الحكومي للشعب المصري.

وكان الحل اما ازالتهم من مواقعهم أو أن يعالجوا هم أنفسهم، وهو صعب حيث لاعلاج لهم، فحالتهم نشأت معهم، فهي جزء منهم اذ لم يبق الا الازالة، وهي بتر الأعضاء الفاسدة في جسد الحياة السياسية المصرية.

ومن هنا نشأ الصراع والسخونة السياسية الملتهبة في مصر ضد الحرس القديم القابع في مختلف أوضاع وأشكال الحياة السياسية المصرية مما أمرضها، والملفت أن الاتهامات ليست فقط من جانب المعارضة فقط لهؤلاء انما من داخل الحزب الوطني الحاكم, البعض يفسر تلك الحرارة المرتفعة للحالة السياسية للشعب المصري بالتطورات الدولية والخطاب والضغط الأميركي الداعي للاصلاح السياسي في المنطقة العربية.

ولكني أرى أن التطور الاعلامي وسرعة وصول الخبر والمعلومة من وسائل متعددة متاحة لكل الناس هو أهم الأسباب التى دفعت الشعوب للوعي والمطالبة بحقوقها.

مثال على ذلك أن الديموقراطية العربية لم تتغير ومع ذلك كانت منظومة الاعلام العربي من «صوت العرب» من القاهرة في الستينات تلعب بعقول الجماهير كيف تشاء، فتجعل لهم الهزيمة نصرا والشعوب ترقص، والزعيم المسؤول عن الهزيمة يدعي التنحي فتدفع أجهزة الاعلام الجماهير للمظاهرات تطالب الزعيم بالبقاء والا الفناء والشعوب معذورة لا تعرف الحقيقة الكاذبة الا من «صوت العرب» فقط.

لذلك نجد أن بقية الحرس القديم الذي رضع وفطم من «صوت العرب» في الستينات هو الذى يتمركز في كثير من المواقع السياسية في مصر، يجد أن الأرض تهتز من تحته بقوة وهو لايصدق أن الجماهير التى كانت بكلمة تجلس وباشارة تقف وبكلمة تنام وأخرى تصحو.

اليوم لم تعد تستمع لكلماته ولامحاضراته بل هي رافضة متذمرة تريد التغيير، فبحث حوله فلم يجد الا الجماهير التي يجب تغييرها، فهي ليست تلك الجماهير التي يعرفها، والتي كانت تتحرك ليس بالاشارة انما بطرف السيجارة، ولكن الحقيقة أن هؤلاء هم المقصودون بالتغيير، وحسنا فعل رئيس تحرير «أخبار اليوم» ابراهيم سعدة وياليت صاد وكاف وغيرهما كثير يفعلون مثله فتصفق لهم الجماهير مرة واحدة ومن قلوبهم، فهذا من أسباب علاج انخفاض الحرارة السياسية وهنالك أسباب أخرى منها قانون الطوارئ الجاثم على صدر الشعب المصري، سنين طويلة ولا يوجد مبرر له مطلقا, وأخيرا يبقى أن الحرية ليست هبة، بل هي حق لكل انسان تولد معه ولا معنى ولا قيمة لحياة الانسان من دون حرية منضبطة بالاسلام.