من له أعداء مثل جورج بوش, عليه أن يتأكّد من النصر.

وإذا استمرّت الولايات المتحدة في «استراتيجية الحماقة», فقد يعود حكم الخلافة إلى الأمة العربية, ويجد بن لادن نفسه خليفة المسلمين وعاصمته مكّة.

لقد نجح بوش في إسقاط الحلفاء أو من يشبههم. فتيار الإصلاح الإيراني توارى, وتوارت معه «الخاتمية» الوسطية, لتعود «الخمينية» على أشدّها عبر أحمدي نجاد.

ودفع بوش في العراق مئات المليارات وآلاف القتلى, ليحوّل صدام حسين ­ صاحب الأصول الأميركية ­ إلى خصم, وليسقطه فاتحاً العراق أمام هيمنة رجالات الثورة الإيرانية من أحزاب شيعية ومناخات مذهبية, تهدّد رياحها موالين كباراً في السعودية والبحرين والكويت.

والديمقراطية التي أرادها بوش في مصر, أوصلت خصومه «المفترضين» عبر احتلال «الأخوان» ثلث المقاعد النيابية.

وأخيراً وليس آخراً, جاء انتصار «حماس» في فلسطين ليؤكّد أن أميركا تدفع ثمن جنوحها وجنونها. فبفضل سياسات البيت الأبيض, هُزِم رجل «أوسلو» ودفن حلم عرفات, ودخل جميع المراهنين على «سلام الشجعان» في «غيبوبة» سياسية أشبه بـ«غيبوبة» شارون.

إن زلزال «حماس» يشكّل امتداداً طبيعياً لزلازل أصولية أخرى بدأنا نشعر بارتجاجاتها في باكستان والسعودية والعراق ومصر. لكن, لا شك في أنه الأعنف, إذ بلغت قوّته التدميرية درجات قياسية, انهارت أمامها كل ما بنته واشنطن وتل أبيب بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي, من مرافق سياسية وأمنية لسلطة الحكم الذاتي, لحماية مقاهي إسرائيل وحافلاتها ومستوطناتها من استشهاديي المقاومة وصواريخها.

لا شك في أن اعتراف الغرب بحكم «حماس» لن يكون سهلاً, خصوصاً أن اسم الحركة لا يزال على لوائح المنظمات الارهابية, حسب التصنيف الأميركي للمقاومة. ولا شك أيضاً في أن رفض «فتح» المتوقّع للمشاركة في أي حكومة ائتلافية مع «حماس», سيشكّل نقطة تحدٍ جديدة للمقاومة الحاكمة والمحكومة بالاحتكاك مع الدولة العبرية, ولو بالحد الأدنى, بعيداً عن الجبهات العسكرية, لما تربطهما من مصالح مشتركة تفرضها اتفاقات المعابر وتحويل أموال «السلطة» والعمالة الفلسطينية في إسرائيل.

لقد نجحت «حماس» بصناديق الاقتراع لتستكمل مسيرتها التي بدأت بصناديق الذخيرة, وأثبتت أن صوتها الانتخابي أقوى من صوت الرصاص, حيث يصعب إدانته كما كانت تدان عملياتها الاستشهادية.

نجحت في توحيد المقاومة مع السلطة, بعدما كانت الثانية محصورة مهامها في الانقضاض على الأولى.

نجحت «حماس» بديمقراطية بوش... فلتحيا أميركا.