أفرزت "الإنتخابات" العراقية وبدلالة نتائجها النهائية, خارطة واضحة المعالم للمخطط الذي جرى الإعداد له بغياب وتغييب قسري لإرادة أبناء العراق الشرفاء وبتواطؤ مفضوح للبعض ممن يدَّعون الإنتماء إليه والذين راهنوا وارتهنوا منذ البداية لمصالحهم الطائفية وطموحاتهم الذاتية , فآثروا الفوز بالمناصب و المقاعد وسعوا إليها بدل السعي للفوز بالعراق الوطن.

ولو كان الأمر على غير ما أدعي , فإن العودة لأقوال وأفعال هذا البعض وخلال سنوات الإحتلال القاتمة , وآخرها موقفهم من الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية التي يدعوا إليها ابناء العراق الغيورين والتي تعكس حرص هؤلاء الوطنيين من أبناء العراق أصحاب الرؤى الإستراتيجية برؤية عراق موحد مستقل ينعم بالإستقرار والأمن والأمان مع الأخذ بعين الإعتبار نتائج تلك الإنتخابات , أقول إن أقوال وأفعال هذا البعض وإصرارهم على رفض هذا الطرح الوطني ومقاومتهم له تفضح نواياهم وانحيازهم لجهة تنفيذ المخطط المشبوه.

إن المطالبين بالإعتماد فقط على نتائج الإنتخابات لتشكيل الحكومة والإصرار المشبوه للبعض على الإحتكام لنتائج تلك الإنتخابات دون الأخذ بعين الإعتبار الظروف التي أحاطت بها بدءاّّ بالتحضيرات لها وانتهاءً بالفرز وما شابه من تجاوزات , ومرورا بكل ما أفرزه إحتلال العراق من مجالس حكم أو حكومات مؤقتة ومناخات غير صحية وغير عادلة وما أنشأه هذا الإحتلال من ظروف هيئت لبيئة معينة ولفئات بعينها أن تكون لها اليد الطولى في القول الفصل , أقول أن إصرار هؤلاء مرده يقينهم أن كل القراءات لنتائج الإنتخابات إذا ماتم الإحتكام إليها فقط ومهما تعددت زوايا تلك القراءات تصب باتجاه تقسيم العراق الوطن والشعب والثروة وسلخه من بيئته الطبيعية ومن معادلة الصراع مع قوى الإستعمار الحديث وتحديدا من دائرة الصراع العربي القومي _ الإسرائيلوأمريكي .

فالقراءة الأولى والأسهل والمجردة من كل شيء اللهم إلآ من المصالح الطائفية الضيقة ستصب بشكل أو بآخر عاجلا أم آجلا باتجاه إنشاء عراق ممزق ومقسم ومتناحر من ثلاثة مناطق ( سنية وشيعية وكردية ) , تمهيدا للإنفصال والتشرذم والتقسيم إستنادا إلى دستور يدعم هذا التوجه , أما في قراءة أخرى إذا شئنا ومن زاوية مذهبية صرفة أيضا ولكن تأخذ بعين الإعتبار تحالف المذاهب , فإنه يمكن القول بأن السنة قد فازوا تقريبا بعدد يستطيع أن يفرض توازنا ما مع قائمة الإئتلاف الشيعي من منطلق أن الأكراد من أتباع المذهب السني وفي هذه الحالة فإن النتيجة ستكون أيضا على حساب الطرف الشيعي . بينما القراءة الثالثة ولكن من منطلق عرقي يمكن أن تكون نتائجها اكتساح الغالبية العربية وفوزها بأغلبية مقاعد المجلس الوطني بإعتبار أن الشيعة هم عرب أيضا كالسنة العرب وهنا ستكون نتائجها أيضا كارثة على الأكراد . ومع تعدد القراءات يمكن ان نخرج باستنتاجات أخرى معقدة كلها تصب في خانة تقسيم العراق وتنقيذ المخطط وظلم هذا الطرف أو ذاك . وحدها القراءة الوطنية التي تستند إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تأخذ بعين الإعتبار نتائج الإنتخابات , وعدم إلحاق الضيم بأي طرف وحدها هي الطريق المؤدي للحفاظ على عراق مستقل وموحد ومستقر وآمن .